ما علاقة لقاح أسترازينيكا بالجلطات الدموية؟
ما زالت العلاقة المحتملة بين لقاح "أسترازينيكا" (AstraZeneca) المضاد لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والجلطات الدموية تثير كثيرا من الجدل الطبي والسياسي، فماذا يقول رئيس الفريق البحثي الذي أشرف على تطوير اللقاح في جامعة أكسفورد؟
ويعدّ لقاح أسترازينيكا من بين أكثر اللقاحات استعمالا في مواجهة فيروس كورونا، خصوصا في المملكة المتحدة، وأوروبا، وهو ما جعله موضوع أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين لندن والاتحاد الأوروبي، بلغت حدّ التهديد بمنع تصدير اللقاح من دول الاتحاد نحو المملكة المتحدة.
بريطانيا تقرر تطعيم الأشخاص ما دون سن الـ30 بلقاح آخر غير لقاح أسترازينيكا
ومما زاد الاشتباه في تسبب اللقاح في حالات تجلط دموي نادرة توصيات هيئة تقنين الأدوية والمنتجات الطبية البريطانية (MHRA) التي دعت إلى تجنب تطعيم الأشخاص دون سن الـ30 بلقاح أسترازينيكا، وقالت إن هناك مؤشرات على علاقة اللقاح بالتجلط الدموي، ما زالت تحتاج إلى دراسة.
طمأنة وثقة
أكد البروفيسور أندريو بولار، رئيس الفريق البحثي الذي أشرف على تطوير لقاح أسترازينيكا في جامعة أكسفورد، أن أمن اللقاح كان هو الأولوية لدى فريقه طوال مسار تطوير اللقاح وتصنيعه، في أثناء العام الماضي. وبكثير من الثقة تحدث الخبير البريطاني عن اطمئنانه للطريقة التي يتم بها التعامل مع اللقاح.
ورأى البروفيسور في علم المناعة والعدوى أن عمليات المراقبة والتتبع التي تقوم بها هيئات الأدوية والمؤسسات الصحية الحكومية، عبر العالم، "تبعث على الاطمئنان خصوصا أن اللقاح مستعمل في دول مختلفة من العالم".
وعن احتمالية تسبب اللقاح في جلطات دموية، أكد البروفيسور البريطاني أن تشخيص "بعض الحالات النادرة جدا التي أصيبت بالتجلط الدموي واحتمال أن يكون ذلك بسبب اللقاح يظهر أن نظام الأمان والمراقبة يعمل على نحو جيد".
وأضاف أنه حتى الآن "ما زالت كل خلاصات هيئة الأدوية البريطانية الأوروبية مقتنعة بأن فعالية اللقاح وفوائده أكبر من مخاطره"، مرحّبًا بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها بعض الدول مثل بريطانيا، والتي "تستهدف تقليل أي مخاطر محتملة للقاح".
ووصف رئيس فريق الباحثين المطورين للقاح أسترازينيكا وباء كورونا بالتهديد الكبير جدا الذي يهدد حياة الناس في شتى أرجاء العالم، متعهدا بالاستمرار "في القيام بمهمتنا في دعم التلقيح عبر العالم".
وشدد على أن هذه المهمة "ليس الغرض منها جني أرباح مادية أو غيرها بل من أجل مصلحة البشرية جمعاء".
شبهات وحذر
وبعد انتظار طويل، لم تحسم هيئة تقنين الأدوية والمنتجات الطبية البريطانية (MHRA)، في آخر منشور لها، العلاقة بين لقاح أسترازينيكا والتجلط الدموي، رغم أنها أقرّت، ولأول مرة، بأن المؤشرات على هذه الصلة تزداد قوة إلا أنها تحتاج إلى مزيد من البحث.
وقالت الهيئة التي تعدّ صاحبة الاختصاص في الترخيص لاستعمال أي لقاح، أو إيقاف اعتماده، إن علماءها لا يوصون إلى الآن بأي تحديد للفئة العمرية التي ستستفيد من اللقاح، وذلك موقفهم من قرار عدد من الدول الأوروبية التي قررت عدم منح اللقاح للأشخاص فوق سن 60 أو 65 سنة.
وبلغة الأرقام، فإن الهيئة كشفت عن تلقي أكثر من 20 مليون بريطاني لقاح أسترازينيكا، وكان احتمال الإصابة بتجلط الدم بسبب اللقاح هو 4 أشخاص من بين كل مليون شخص.
ومن بين الخلاصات التي توصل إليها علماء الهيئة أن الإحصائيات تظهر احتمال إصابة الشباب بالتجلط الدموي، ولهذا فهي تنصح بأخذ هذا المعطى بالاعتبار وهو ما دفع الحكومة البريطانية إلى إعلان تطعيم الأشخاص ما دون سن الـ30 بلقاح آخر غير لقاح أسترازينيكا.
وتشير الإحصائيات إلى أن حالات التجلط الدموي التي تم التبليغ عنها هي 79 من بينهم 51 سيدة و28 رجلا، من أعمار تراوح بين 18 سنة و79 سنة، علما أن أعداد النساء اللاتي حصلن على اللقاح أكبر من أعداد الرجال، ومن بين هذه الحالات سُجّلت 19 حالة وفاة، 3 منهم تحت سن الـ30 وهو الرقم الذي دفع الهيئة إلى التوصية بتجنب تطعيم الفئة العمرية ممن دون الـ30 بلقاح أسترازينيكا.
ورأت الهيئة أن لكل دواء أعراضا جانبية، لكن هذا لن يمنعها من الاستمرار في المراقبة والمتابعة وتحليل البيانات والمعطيات، للتعرف على كل الأعراض التي يمكن أن يتسبب فيها اللقاح، مشيرة إلى أن هذا اللقاح أنقذ حتى الآن حياة الآلاف من الأشخاص.
المصدر : الجزيرة