لا يستوى الخبيث والطيب فاتقوا الله يا ناس

بقلم: محمود إقنيبي

منذ بدء الخليقة وبدايتها بدأت معها آثام البشر واخطاؤهم وكان أولها جريمة القتل التي ارتكبها قابيل ابن آدم بحق اخيه هابيل ، واعتقد اننا جميعا من سلالة ذلك الرجل الذي قتل اخاه قبل مئات الاف او ملايين السنين وبرغم ذلك استمرت الحياة وخرج من بني ادم غالبية حسنة منهم الانبياء والصديقين والشهداء واصحاب العلم والدين والاحسان.

ما رويته في الفقرة السابقة هو مدخلي للحديث عن طريقة تعاطينا وتعاطي الناس هذه الايام مع بعض القضايا السلبية التي يتم الكشف عنها ويكون مرتكبها شخص او مجموعة اشخاص ينتمون لقبيلة او عائلة او بلدة او مدينة معينة او حتى مؤسسة معينه فيبدأ الهجوم على عموم القبيلة او العائلة او المدينة او البلدة او غير ذلك بشتى انواع الألفاظ والاوصاف اللاذعة والقبيحة التي يكون فيها ظلم واضح لعموم من شملهم الحديث دون ذنب لهم الا انهم جاوروا او رافقوا او عرفوا او عاشوا في نفس المكان مع مرتكب ذلك الخطأ كبيراً كان ام صغيراً.

ارتكاب شخص ما لخطيئة ما اياً كانت لا يعيب الا الشخص ذاته ولا يجب ان يتحمل وزره من هم حوله حتى لو كانوا اهله ان كانوا لا يعلمون بفعله وذلك بنص الاية القرآنية  (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .

مثال ذلك انه لو ضبطت مخدرات في مدينة ما فهذا لا يبرر وصف المدينة بكاملها واهلها بانهم تجار سموم ومخدرات و " حشاشين " ، وان يكون في هذه العائلة او تلك سارق او قاتل فلا يعني ذلك ان عموم افراد هذه العائلة يجب عليهم تحمل الاذى بوصفهم جميعا وكأنهم من نفس صنف ذلك القريب لهم رغماً عنهم ، واعتداء شخص ما في مؤسسة ما على الاخرين او حتى استغلاله لمنصبه او وظيفته او عمله في الاساءة لا يعني ان كل العاملين في المؤسسة يمارسون نفس الفعل ولا يجوز الهجوم على المؤسسة بعينها لمجرد ان فيها ذلك المسيء.

المكر السيء لا يجب ان يحيك الا باهله والمسيء لا يمثل الا نفسه والاساءة لا يجب ان تشمل الا فاعلها ولا يجب ان يترك " الحبل على الغارب " للمستغلين لكل امر لتعميم الاساءة بقصد الاساءة للعموم وتدمير قيم المجتمع ووصفه بانعدام الاخلاق او الدين او المباديء والقيم.

مجتمعنا الفلسطيني والخليلي على وجه الخصوص " مدينة وجبل " يحمل من القيم والمباديء والاخلاق الحميدة الطيبة ما يجعلنا جميعا نفخر بانفسنا وما لدينا حتى وان وجد بيننا من يقوم ببعض الافعال المخالفة للدين والأدب والمبادئ والاخلاق فهذا لا يعني ابداً ان هذه الصفات الحميدة قد بادت واختفت ولم تعد فينا لكن بشرط ان لا نحمي فاعل السوء وان لا ندافع عنه او عن فعله اياً كان شخصه ووصفه وصفتهومسماه.

حديثي السابق كله جاء بعد ان لاحظت مؤخراً ان اي اعلان عن اي اساءة حصلت من شخص بات تلقي بظلالها وسلبيتها على كل المجتمع وبات من الخطير جداً ان بدا البعض بتقبل فكرة ان المجتمع بكامله اصبح فاقداً للقيم الحميدة والمبادي الحسنة والدين القيم وهذا ليس صحيحا أبداً.

ان تعميم هذه السوء والاساء من قبل " مش عارف مين " على عموم المجتمع وتقبل المجتمع لهذه النظرة هو بداية الانحلال الكامل والانفلات الذي يسبق السقوط الاخير ذلك اننا ان رضينا لانفسنا ان توصف مجتمعاتنا وعائلاتنا وبلداتنا ومؤسساتنا بالسوء لمجرد فعل ارتكبه شخص ما أيا كان متعمداً كان او غير ذلك فهذا يعني اننا سنعيش مع هذه الفكرة ونتعايش معها الى ان تصبح نهج حياة نتقبله ومع الزمن يصبح طبيعيا ولا نرفضه ولا نحاربه وفي هذا يكمن كل الخطر.

يجب علينا جميعا افرادا وجماعات ، مدن وبلدات ، مؤسسات وعائلات ان نخصص الاساءة ونخص بها صاحبها ونحاربه ونحارب فعله ونحارب ناشري السوء والمعممين بالفظ او الفعل لاي اساءة بالتوازي مع تعزيز القيم والمباديء الحسنة والدعوة لها ونشرها وتكثيف الحديث عنها وترسيخها كنهج واسلوب حياة نعيش في ظله لا في ظل عكسه.

نحن مجتمع يتمتع بافضل ما يحمل البشر من قيم واخلاقيات كالشهامة والنخوة والكرامة والجود والرحمة والتآلف والمباديء النابعه من دين الله عز وجل ونهج وسنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق الاعظم ولا يجب ان ينفي عنا كل هذه الصفات وجود شواذ واشخاص يفعلون السوء في الخفاء او حتى العلن فاينما وجد البشر وجد مثل هؤلاء وفعلهم لا يمثل احداً الا هم ومن يشاركهم او يدافع عنهم وعن افعالهم واقوالهم فكفوا عن تعميم الاساءة والاضرار بالناس بقصد او بغير قصد ولا تساهموا في الدمار والخراب وحاربوا السيء بنشر الحسن وترسيخ القيم والاخلاق ولا تظلموا انفسكم والاخرين فلديكم من الايجابيات والخير اضعاف اضعاف ما يحملون هم من سوء.