الحب لا يخضع للقوانين
كيف هي علاقتك بزوجك؟ هل يقوم بأخذ راتبك أم يجعلك حرة التصرف فيه؟ بطاقة الصراف الآلي الخاصة بك هل هي بحوزتك أم يقوم زوجك بأخذها؟ هل يساعدك زوجك في أعمال البيت؟ هل يطلب منك زوجك أن تحضري له كأس الماء؟ هل يمنعك، هل يسمح لك، هل يصرخ في وجهك، ….؟؟؟.
كانت سعيدة مسرورة في حياتها الزوجية، تعتبر بيتها مملكتها، تستمتع بكل لحظة تقضيها وهي تحضر هذه المملكة لكي تظهر بأبهى صورها أمام أميرها، تستيقظ مبكرة وتحضر الفطور لزوجها وأولادها، تنزل معهم الى العمل ان كانت عاملة أو تبقى لتكمل مهامها البيتية إن كانت ربة منزل، ترتشف فنجان القهوة مع حبيبها علها تستفيق بعد تعب ليل طويل قضته في متابعة ابنها المريض، يعوضها عن كل هذا التعب نظرة حب أو لمسة حنان من زوجها.
يعود البيت ليمتلأ من جديد بعد يوم عمل شاق وتعود هي لتكمل مشوارها وأعمالها التي لا تنتهي؛ ترتب البيت والأولاد وتحضر الغداء وتستقبل زوجها أروع استقبال، تتصرف بحب وعفوية وتنسى تعبها كل يوم مقابل أن ترى مملكتها تعيش بأمان، لم يخطر ببالها يوما أن تُفَرّق بين ما تملكه وما يملكه زوجها، ولم تشعر يوما أنها متعبة من كل ما تقوم به، فهي تستمتع بكل عطاء تقدمه لكي تكون أُمَّا وزوجة ناجحة.
هكذا هي المرأة المسلمة، كانت سعيدة في بيتها وفي أسرتها الى أن جاءت جمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات النسوية وأفسدت عليها حياتها.
بدأت هذه المؤسسات والجمعيات تطرق آذان نسائنا بأسئلة لا تنتهي وتدخل في تفاصيل التفاصيل في الحياة الزوجية، وباتت الحالات الخاصة التي تعاني منها بعض النساء تعتبر دستورا وقواعد يجب أن تتبعها كافة النساء حتى لا يعانين مثلهن. كانت المرأة ترقص وتتمايل وهي تأتي بكأس الماء لزوجها وهو عائد من عمله تعِبًا منهَكًا، فقالوا لها أنك لست مسؤولة عن خدمته.
وكانت المرأة تفدي زوجها بكل ما تملك مقابل أن لا ترى نظرة حزن في وجهه وهو لا يجد قوت أولاده، فقالوا لها أنت لست مسؤولة عن مصروفات المنزل.
كانت لديها طاقات كبيرة تساعد والدة زوجها فقالوا لها أنت لست خادمة.
قالوا وقالوا وقالوا حتى لم يدعوا شيئا على بساطته وحلاوته وبات مطلوبا من المرأة التي تبدع في صناعة مملكتها أن تتوقف عن ذلك وأن تتبع معاييرهم الجديدة حتى وإن قلب البيت الى جحيم؛ المهم أن تكون معايير حقوق المرأة على أبهى صورها.
ماذا كانت النتيجة؟
انقلبت الحالة في كثير من البيوت من الحب والهدوء والجمال الى مناكفات ومشاجرات يومية على أتفه تفاصيل الحياة، وباتت بعض الأمور التي كانت تستمتع المرأة بعملها محل نكد واحباط بالنسبة لها وهي تواجه كل هذه الصراعات الفكرية التي تزرع في رأسها.
المطلوب اليوم من المرأة أن تعلم أن دار الإفتاء موجودة في قلبها وبيتها، فليس مطلوبا منها أن تعيش حياتها وفق قوانين وأحكام، فالحب لا يخضع للقوانين، وعطاء المرأة لبيتها وزوجها لا يحتاج إلى دور إفتاء فقط؛ إنما الفتوى المقرونة بالحب هي التي نحتاجها،
فعن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: يَا وَابِصَةُ؛ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ –ثَلَاثَ مَرَّاتٍ –الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْك)
لا يعني كلامي هنا أن بعض النساء لا يعانين في حياتهن الأسرية، فبلا شك أن غياب الدين عن واقع حياتنا أفرز مشاكل لا تحصى وخاصة في مجال العلاقات الاجتماعية والأسرية، بيد أن نساءنا بحاجة أن يدركن أن كل ما يدار من حديث حول القوانين والفتاوى في ادارة العلاقة بين المرأة وزوجها جاء لحل كثير من الإشكاليات وأنهن لسن بحاجة الى أن يسقطن تلك القوانين والأنظمة على حياتهن ما دمن مسرورات وسعيدات ويملؤ بيوتهن الحب والمودة. لست بحاجة أختاه الى قانون يضبط علاقتك المالية مع زوجك ما دمت مسرورة ويتوفر لك كامل احتياجاتك وما دمت تعطيه عن طيب خاطر، لست بحاجة الى امرأة فشلت في علاقتها الزوجية لتقول لك افعلي أو لا تفعلي، فنموذج النجاح الذي تعيشينه ليس بحاجة الى نصائح من نماذج لم توفق بتحقيق النجاح.
أخيرا عيشي حياتك بحب وعفوية ولا تذهبي بعيدا الى عالم الفتاوى والقوانين فهي لم تُفَصَّلْ لك ما دمت بخير.
بقلم : علاء الجعبري