السيلفي.. ليس صورة طبق الأصل منك
وجهك غير مسطح؛ قد يبدو هذا أمرًا بديهيًّا، لكن مع بدء الناس عيش حياة أكثر ترفًا وأكثر حضورًا على الإنترنت، تكونت فجوة غريبة حول هذه النقطة. في دراسة حديثة أجراها جراحو تجميل أميركيون، أفاد أكثر من 40% منهم بأن المرضى جاؤوا لإجراء عمليات جراحية لتصحيح تفاصيلهم الخلقية التي شعروا بأنها تبدو سيئة في الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
الجراح والأستاذ المساعد في كلية روتجرز نيوجيرسي الطبية، بوريس باسكوفر، يؤكد أنه أحيانا عندما نسأل المرضى عن الأشياء التي يرغبون في تغييرها، يخرجون هواتفهم بدلًا من النظر في المرآة، وغالبا يقولون إن أنوفهم عريضة جدًا ويقدمون صورة "سيلفي" كإثبات للأمر.
لكن صور "السيلفي" لا تعكس بالضبط ما يراه الآخرون عندما ينظرون إليك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأنف.
تشويه للواقع
وفي ورقة بحثية جديدة نشرت على مجلة "جاما" (JAMA) للجراحة التجميلية للوجه، شرح باسكوفر كيف تشوه الشاشة الواقع؛ حيث يقول "إن السر يكمن في حقيقة أن الأنف يكون أقرب إلى عدسة الكاميرا من أي جزء آخر من الوجه. بالطريقة نفسها التي يظهر بها أي شيء في مقدمة الصورة أكبر من الأشياء في الخلفية، هناك تأثير متسق. يظهر هذا الأمر بنسبة أكبر كلما كانت العدسة أقرب إلى الوجه".
لإظهار هذا الأمر، أخذ الباحثون معلومات من قواعد البيانات الوطنية لقياسات عرض الوجه وعرض الأنف وأرقام أخرى عن هندسة الوجوه، وقاموا بقياس كيفية تغير هذه الأرقام عند النظر إلى الوجه من مسافات مختلفة.
في المتوسط، وجد باسكوفر وزملاؤه أن الأنف سيبدو أعرض بنسبة 30% في صورة التقطت من على بعد 12 إنشا مقارنة بصورة التقطت من على بعد خمسة أقدام. ونوعية الكاميرا لا تحدث فرقًا. ويقول "إذا وضعت أنفك على مرآة فسيبدو أكبر". كل ما في الأمر أننا لم نقم بتطوير نوع من التصحيح العقلي الذي نقوم بتفعيله عندما نرى انعكاس صورتنا في المرآة عندما يتعلق الأمر بالصور التي نأخذها لأنفسنا، لهذا نعتبرها حقيقية.
اعتقاد خاطئ
بشكل من الأشكال، ألا يعتبر هذا الخلط بمثابة فرصة سانحة للجراحة التجميلية؟ يرد باسكوفر بالسلب. ويقول إنه عندما يكون اعتقاد خاطئ هو ما يدفع الناس للقيام بعملية ما، فإن احتمال إحساسهم بعدم الرضا بعد ذلك تصبح أكبر، ويضيف "قبل كل شيء أريد أن تكون لمرضاي صورة حقيقية عن أنفسهم". ويأمل أن تساعد هذه الورقة البحثية في إقناع الناس بحقيقة هذا التأثير.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار ميل المزيد من الناس لأن يظهروا حياتهم الاجتماعية عبر عدسات الكاميرات، يمكن أن نتخيل في المستقبل أن تصبح الوجوه المنحوتة للظهور على شاشات الهواتف بشكل أفضل أمرا شائعا، وهو ما بدأ فعليا في الصين حيث بدأ تطوير برمجيات لتحسين الوجه في صور السيلفي بغرض الوصول إلى مستوى معين ومقبول من الجمال، هذا الأمر قد يصلح فكرة للاستغلال في أفلام الخيال العلمي، لكن الحقيقة أن هناك ميولا قوية لدى الكثيرين لتصديق ما تظهره الكاميرات، حتى ولو لم يكن هو الحقيقة عينها.