اقتصاد جنين ينمو مثقلًا بمعيقات وتحديات
تزدهر الحركة التجارية في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، بشكل لافت في السنوات الأخيرة، فيما تشهد تمددًا عمرانيًا متسارعًا، ووعود بمشاريع اقتصادية استراتيجية، ولكن ذلك يبقى ممزوجا بالتحديات الجسام والمعيقات الكبيرة.
ويرى مدير عام مديرية الاقتصاد الوطني في جنين عماد أبو طبيخ أن المحافظة تعتبر من المحافظات الواعدة اقتصاديا بحكم موقعها، كما أنها تعتبر محافظة زراعية من الدرجة الأولى، وتشكل سلة خضار الشعب الفلسطيني.
ويقول إنه في حال قيام مشاريع تتعلق بالمنتجات الزراعية، فإن هذا سيؤثر إيجابا على المحافظة، ويسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن المنطقة الصناعية الحدودية، والتي بوشر العمل بها من خلال بناء السور الخارجي لتحديد معالمها، وبناء على الوعود التي قدمت للبدء في تشغيلها خلال المنتصف الأول من العام 2018 ستسهم بنهضة اقتصادية كبيرة لهذه المحافظة، لما ستوفره من فرص عمل مباشرة أو غير مباشرة تقدر بعشرات الآلاف.
ويشير أبو طبيخ إلى أن جنين تشهد حركة تجارية نشطة، بناء على الحركة الكبيرة في دخول فلسطينيي 48 للمدينة، وهو يدخل أكثر من 40 مليون شيقل شهريًا للمدينة، مما ينعكس إيجاباً على بعض الاستثمارات في المحافظة.
وينوه إلى أن ما يجري الآن من حركة تجارية لا يمكن تسميته بأنه تنمية اقتصادية، وإنما يعود ذلك للحركة التجارية النشطة التي يشكلها فلسطينيو 48.
ويشدد على الأدوار الرقابية التي تقوم بها الجهات الرسمية على الأسواق، من حيث الحفاظ على سلامة وصحة المستهلك والمتسوق.
معيقات
ويرى مدير عام الغرفة التجارية في جنين محمد كميل وجود عديد عوامل ما زالت تعيق التنمية الاقتصادية، وأهمها تتمثل بالمخطط المكاني للمدينة وافتقارها لمساحات قابلة للاستخدام الصناعي، إضافة لعدم توفر القدرات الكهربائية لإنشاء مصانع، وعدم توفر بنية تحتية مؤهلة.
كما أن موزعي الكهرباء مثل كهرباء الشمال والبلديات غير قادرين على منح القدرة الكهربائية للمنشآت الصناعية في جنين، وهذا يعني وجود مشكلة تواجه فتح أي مصنع جديد، إضافة لإيقاف أي عملية تطوير لأي مصنع آخر، وهذا يؤدي لازدياد حجم البطالة وضعف فرص التشغيل.
ويشتكى كميل من عدم وجود تخطيط استراتيجي للتوسع التجاري في المحافظة؛ فانحسار التسوق في شارعين في المدينة أهلك عملية التسوق بشكل عام، وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار تملك المحال التجارية أو بشكل عام العقار التجاري أو استئجاره فيها، ووصلت في بعض الأحيان إلى أسعار تضاهي أسعار مثيلاتها في رام الله.
ويشدد على أن ذلك يؤدي إلى حرمان رياديي الأعمال من تملك أو استئجار أي عقار تجاري في تلك الأماكن، التي تنحصر بها الحركة التجارية من قبل كبار التجار.
ويعرج على قضية التصاريح التجارية وبطاقات BMC، حيث تعتبر حصة جنين هي الأقل على مستوى الضفة الغربية، إذا ما قورنت بعدد منتسبي الغرفة التجارية والتطور الاقتصادي الحاصل في جنين مع مثيلاتها من المحافظات الأخرى.
ويتم منح الغرفة التجارية – حسب كميل- حصة لا تزيد عن 1150 تصريحًا تجاريًا، وهي تعادل ثلث الحصة المطلوبة لكفاية القطاع الخاص في جنين، وهذا يشكل عائقًا أمام التجار في إتمام صفقات البيع والشراء والوصول إلى الموانئ.
ويستعرض معيقات أخرى من قبيل عدم كفاية ساعات العمل على معبر الجلمة سيما في فصل الصيف، وانخفاض حصة جنين من المياه، والحاجة الصناعية لهذه الحصة من المياه.
وكذلك تدمير قطاع المفاحم ترك أثر سلبي على بلدة يعبد، والتزامات البنوك المترتبة على التجار في جنين على حساب القروض بشقيها الشخصي والتجاري. وكما أن القروض الشخصية الموجودة على المواطنين تحد من قدرتهم الشرائية.
وينوه إلى أن جنين شهدت ارتفاعا في الصادرات لعام 2016 الخاصة بزيت الزيتون والحجر والرخام والأعشاب الطبية؛ وهناك توجه لصناعات حرفية جديدة وزراعات جديدة مثل الفراولة والأناناس والأفوكادو.
وقفة جادة
ويرى رجل الأعمال مدير شركة الزايد للمقاولات والتعهدات العامة صلاح الزايد أن جنين تشهد ازدهارًا نتيجة فتح معبر الجلمة واستمرار دخول فلسطيني 48 لجنين مما عمل على إنعاش الحركة التجارية وتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب للعمل في جنين؛ وكذلك مشروع المنطقة الصناعية لما لها من أثر إيجابي في المستقبل وافتتاح محطة توليد الطاقة في مرج ابن عامر بحيث ستغذي جنين ونابلس وطولكرم.
ولكن الزايد شدد على أن هذا لا يعني أن الوضع سيستمر على ما هو عليه، وإنما هي طفرة حذرة تنقلب بين عشية وضحاها، فلو أغلق معبر الجلمة تتحول جنين إلى ركود اقتصادي مخيف.
ويختم بالقول بإنه ورغم الدعائم الإيجابية فإن الوضع ليس كما يجب وبحاجة إلى وقفة جادة تعيد هيبة جنين الاقتصادية غير معتمدة على فتح معبر وإغلاقه.