جارتنا أم علي
وكالة الحرية الاخبارية - تقرير: سلمى ياسر الوريدات
هي الأم الصابرة التي أفنت حياتها من اجل أبنائها ، والله سبحانه وتعالى عوضها بهم خيراً، فكانت لهم ستراً في طفولتهم وشبابهم، تلك المرأة الغنية بكرامتها لم تدق باب احد، امرأة خرجت المعلمة والطبيبة والمحامي.
طرقت الباب عليها فاستقبلتني بالترحاب والتقبيل وبعد أن جلسنا بدت هادئة وتتحدث بهدوء عن معاناتها شعرت في نظرتها حياء عميق وحزن طويل وتصميم رائع ، ثم تنهدت لتقول "آخ آخ كنا صغار مثلك ومش حاملين هم الدنيا بس الدنيا همتنا والصابرين على خير يا خالتي ".
ثم قالت:"بتعرفي يا بنيتي انو زوجي مات وترك خمسة بنات و ولد صرت احوس وأراقب وأدور من وين بدي اكسب لقمة العيش الحلال لهلأيتام بدون ما أمد أيدي لأي إنسان وبدون ما أتاجر بكرامتي في الأسواق كنت ليل نهار وأنا ما أنام وبالنهار أدور على شغل ما خليت باب إلا طرقته ناس بتشغل وناس بتعتذر لمنو وصلت على مشفى الخليل الحكومي وهناك كان أول عمل لإلي في قسم النظافة الحمد لله .
أزمة وعدت..........وما بعد الضيق إلا الفرج
رزقت بعمل شريف وقنوع الأجر في المشفى ، كانت تحصل الدرهم من عرق جبينها، توجت بحسن الخلق وأصبحت محبوبة لدى جميع أفراد المشفى تحترم الكل والكل يحترمها ، عاشت ظروفا صعبة ، لكنها تغلبت عليها بإرادتها وعملها الكادح تعمل ليلا ونهارا ، لتؤمن حياة كريمة لأبنائها، لتنير طريق الظلام أمامهم ولتبني جسر أمل متين عندهم ، غرست فيهم حب العمل والحياة ،هم كالشمس لم تتغيب عنهم يوما واحدا على الأقل حتى غدا منهم الطبيب والمحامي ومن يدرسن من بناتها في الجامعات.
عز عليَ فراقهم.................
قالت أم علي :"لم يكفيني الأجر حتى كدت أعمل عملين في ذات الوقت ، ولكن لا أستطيع ،عملت(11)عاماً في قسم التنظيف عز علي ترك ذلك العمل ومغادرة المشفى ، تعودت عليه منذ سنوات طويلة ، أستيقظ من نومي مبكرة ،أحزم أمتعتي وتتدحرج خطواتي بين أزقة المشفى إلى أن جاء اليوم الذي لم يعد به شاغرا للعمل فأصبحت دموعي تنهمر على وجنتيي ودعت الكل وطلبت العفو من الجميع، غادرت المشفى بحزن وقلبي يتقطع ألما على حسن المعاملة والاحترام.
الحياة تسير لكن فكرة سيرها عكسية عند الحاجة أم علي
تركت العمل فترة وجيزة ، لكن البطالة سيطرت علي لم تقر لي عين دون عمل وأطفالي ما زالوا صغار وبحاجة لأمور عديدة من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وهو الأهم عندي فلم يهدئ لي بال ، وفي أحد الأيام أتت جارتها أم حسن لتشرب قهوة الصباح معها ، حدثتها عن موسم قطف الزيتون في قرى الشمال ، فباتت الفكرة بعقلها إلى أن قررت الذهاب للعمل وركبت باص المدينة مصطحبة ابنتها الكبيرة التي تبلغ من العمر (13)عاما ، وعملت في موسم قطف الزيتون شهور عديدة ، تقول :" جمعت ما يكفيني من النقود ، فعمر بيتي بالزيت والزيتون وارتاحت نفسيتي من هذة الرحلة الشاقة ووفرت متطلبات أولادي فحياتي فقط كانت وما زالت من أجلهم ".
"فرجعت لأعمل في حقول العنب والتين وعملت في عدة أماكن والله يا خالتي لو زلمة ما تحملها بس شو بدي أعمل كل هذا لمهجة عيني ونبض قلبي أولادي والحمد لله هل كيت إن شاء الله بضل شوي وربنا بعوضني فيهم خير وما بدي أخبي عليكي في ناس ولاد أكبار ساعدوني حتى كملوا ولادي علامهم ولي بيحكي ما في ورى الصبر إلا القبر غلطان بس اشتغل يا عبدي وأنا برزقك، وهيني جوزتهم وفرحت فيهم وكل واحد فيهم عايش مبسوط وانا ارتحت ببيتي بعد ما اطمنت عليهم ".
أم علي ليست الأولى وليست الأخيرة من نساء الشعب الفلسطيني النساء الصابرات المضحيات فالكثيرات منهن من لم يمت زوجها فقد أستشهد ومن لم يستشهد فهو مصاب بإعاقة وكلهن عملن على عاتقهن تخريج أجيال متعلمة تكتب أسماء أمهاتهم واسم الوطن الغالي على الشمس فأنتن مفخرة ورمز للتضحية يا جارتنا نتباها بكن بين العالم ليشير الجميع بالبنان إنها لإمراة فلسطينية .