حفلة زاهدة بالابيض والاسود لمارسيل خليفة رغم المخاوف من تفجيرات بلبنان
وكالة الحرية الاخبارية -غزل الفنان اللبناني مارسيل خليفه صوته مع خيطان عوده على مسرح معمل خان الحرير التراثي في الضاحية الشمالية لبيروت حيث انتقلت فعاليات مهرجانات بعلبك الدولية استثنائيا هذا العام بسبب التوترات الامنية في البلاد.
هي سهرة زهد اعادت الحضور الى زمن الابيض والاسود والى ذلك النقاء الذي اشتغل عليه مارسيل في اختياره لقصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وبالموسيقى التي يكتبها او بالاغنيات التي غناها. هي سهرة فيها الكثير من الصمت والخشوع والعودة للذات. فيها الكثير من الزهد لكن مع امتلاء بنفس الوقت. اراد مارسيل ان يقول من خلال الصوت والعود “لا ونريد ان نقول الحب موجود والجمال موجود نريد ان نقول لا للحرب كفى حربا لا معنى للحرب ونحن عشنا الحرب خلص بقى.”
على مدى اكثر من ساعة ونصف الساعة تأبط خليفة عوده بمشاركة الة التشيللو الوترية التي عزف عليها ابن شقيقه ساري خليفة وقدم باقة من اغنياته القديمة التي كتب معظمها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.
كما قدم اغنيات جديدة لجمهور استثنائي تحدي كل الاوضاع الامنية المتدهورة والمخاوف من حصول تفجيرات وجاء ليشاهد فنانه الذي لم يفارقه طيلة ايام الحرب الاهلية العصيبة التي دارت بين عامي 1975 و1990 .
وجاء الحفل ليلة السبت بعد يوم واحد من حصول تفجيرين في مدينة طرابلس الشمالية أسفرا عن سقوط 42 قتيلا ومئات الجرحى اثناء تأدية المصلين صلاة الجمعة في مدينة يقطنها غالبية سنية. وقبلها باسبوع هز انفجار ضخم منطقة الرويس بالضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله الشيعي ادى الى سقوط 25 قتيلا ومئات الجرحى.
كما شهدت البلاد احداثا امنية خطيرة تمثلت باطلاق صواريخ من جنوب لبنان على شمال اسرائيل وردت تل ابيب بغارة على منطقة مركز للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة يوم الجمعة.
وكانت منطقة بعلبك في شرق البلاد قد تعرضت لاطلاق صواريخ من الاراضي السورية بسبب القتال الدائر في سوريا ما استدعى نقل المهرجانات هذا العام الى منطقة الجديدة في ضواحي بيروت. ??? ??? وشهد حفل مارسيل اجراءات امنية مكثفة منعت سيارات الزوار من الوقوف في محيط الاحتفال واغلقت المفارق التي توصل الى مدخل الحفل تحسبا لاي احداث امنية طارئة.
لكن كل المخاوف من وقوع تفجيرات بالبلاد لم يمنع محبي خليفة من حضور حفله. ومع دخوله حاملا عوده طلب من الجمهور ان يقف دقيقة حدادا على ارواح الشهداء الذين سقطوا في طرابلس وفي الضاحية.
وبعد المقدمة الموسيقية ردد خليفة امام الحضور كلمات الشاعر محمود درويش “عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو ???وأحرسهم من هواة ا???لر????ثاء أقول لهم تصبحون على وطن من سحاب ومن شجر من سراب وماء.”
وقال” كنا نحب ان نكون في بعلبك ونحيي حفلة هناك غدا لكن بسبب الاوضاع الصعبة تعذر ذلك. اهلا وسهلا بكم وسنغني السنة المقبلة في بعلبك.”
وقدم تحية الى بعلبك من خلال اغنية كتبها الشاعر اللبناني ابن مدينة الشمس طلال حيدر يقول مطلعها “بغيبتك نزل الشتي قومي اطلعي عالبال في فوق سجادة صلا ويللي عم بيصلوا قلال صوتن متل مصر المرا وبعلبك الرجال ع كتر ما طلع العشب بيناتنا بيرعى الغزال.”
وتردد صوته بين ارجاء المكان الاثري عاليا عندما ادى مقطع “وديت مع راعي حماه يشفلي الطقس شمال قال لي السنة جايي هوا بيوقع الخيال ياريت ما سرجت الفرس ولا بعت هالمرسال.”
واهدى خليفة اغنية قال انها تحية الى كل السلاطين والوزراء والنواب الموجودين “وحين ينتهون يأتي دور اولادهم واولاد اولادهم… لذلك سأحيهم لاول مرة على طريقتي”. ويقول مطلع الاغنية “???كرمال عينك يا ملك الملوك واجب علينا نشكر ??? اللي ??? خلفوك???وقبل أن تمسكني برقبتي أمسكني ابوك.”
كما قدم اغنية جديدة من كلمات درويش ايضا تحت عنوان “فكر بغيرك” يقول مطلعها “وأنت تعد فطورك فكر بغيرك لا تنس قوت الحمام. وأنت تخوض حروبك فكر بغيرك لا تنس من يطلبون السلام. وأنت تسدد فاتورة الماء فكر بغيرك لا تنس من يرضعون الغمام. وأنت تعود إلى البيت بيتك فكر بغيرك لا تنس شعب الخيام.”
كما قدم باقة من اغنياته التي طبعت مسيرته الفنية منها منتصب القامة وريتا ويا بحرية واحن الى خبز امي بالاضافة الى اغنية انا يوسف يا ابي التي دخل من خلالها الى قصر العدل للمحاكمة بعد ان وجهت اليه اتهامات بتلحين صورة يوسف في القران الكريم.
وقال خليفة لرويترز ان “زمن الابيض والاسود كان انقى واحلى. اليوم الزمن ملون بالحروب وملون بالوحشية وملون بالدمار. نحن خسرنا بكل شيء بالحياة خسرنا بالسياسة خسرنا الوطن خسرنا بالكثير من المعارك ولكن الذي بقي هو هذا الحلم الموجود بالقصيدة الموجود بالاغنية الموجود بالموسيقى هذا الحلم نتمسك به.”
واضاف “يجب ان نعزز الرؤية الثقافية في هذا الوطن المشتعل بالحروب والنزاعات والوحشية… الثقافة هي ضرورية بالموسيقى بالأغنية بالشعر بالقصيدة بالسينما بالمسرح بكل هذا لأن هذا رأسمال هذا الوطن.. عندما ينتفي وجود الثقافة ينتفي وجود الوطن. يجب ان نعمل لنبقى موجودين ونغني ونصرخ ونحب ونفرح.”
ومضى يقول “لبنان كان حلوا الان بشعا يجب ان نعيده حلوا ولا احد يمكن ان يعيده الا نحن المواطنين… انا لست خائفا على لبنان لوحده وانما خائف على المنطقة كلها التي هي على فوهة بركان او نحن في قلب البركان ولكن طالما نحن موجودون ونقيم الحفلات اذن هناك امل والحياة مازالت مستمرة.”
وقال اللبناني وائل منصور لرويترز “ان الذي يستمع الى مارسيل يعيش حالة اخرى ويصبح بعالم آخر. من المؤكد اننا كنا نحب ان نكون في بعلبك ونعطي رسالة اقوى لكن باعتقادي ان الشيء الجميل في هذه الحفلة اننا اعطينا رسالة ان اللبنانيين رغم الانفجارات لازالوا يحبون ان يخرجوا ويستمعون الى الموسيقى الراقية. انها حفلة جميلة جدا.”
اما ملاك جعفر فقالت “كنا نحب ان تكون في بعلبك التي لها رمز لكن بالنهاية نلاحظ ان المنطقة غير مهمة المهم الفنان الذي كان موجودا ومارسيل امن لنا هذه الوقفة لنستريح من الوضع الذي كنا فيه. يعني اخيرا اخذنا القليل من النفس. لقد انستنا الموسيقى قليلا ان لبنان يمر بهذا الوضع.”
وقال الدكتور ناصر أبو رجيلي “الحفلة رائعة جدا ومميزة جدا… وللأسف كنا نود ان نحضرها في بعلبك نحن أساسا اتينا من البقاع لكي نحضرها لان مارسيل اينما يكون نحن نحلق به.”