"كرة اللهب تتدحرج".. عملية الخليل المزدوجة تعيد الذاكرة لأيام انتفاضة الأقصى
د. بلال الشوبكي: التهدئة مستبعدة حاليًا وإسرائيل تريد الانتقال من إدارة الصراع إلى حسمه
الحرية- محمـد عوض- أعادت العملية المزدوجة في الخليل، الذاكرة لأيامِ انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث تزامنت مع مواصلة قوات الاحتلال اجتياح جنين، المدينة والمخيم، سعيًا للقضاء على تشكيلات المقاومة الفلسطينية، عبر تنفيذ سلسلة عمليات اغتيال، واعتقال، وضرب البنية التحتية، وحصار المستشفيات، وقطع الإمدادات الأساسية.
عملية الخليل، نفذها الشابان: محمـد إحسان مرقة، وزهدي نضال أبو عفيفة، من مدينة الخليل، وفقًا لما أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية، نقلاً عن الارتباط المدني، وارتقيا فيها، إذ اشتملت على تفجير مركبة في محطة وقود في مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني، والاشتباك مع الجنود الإسرائيليين، إضافةً إلى اقتحام مستوطنة "كرمي تسور" المقامة على الأراضي شمال الخليل، وتفجير المركبة الثانية، مما أدى لإصابة ستة إسرائيليين، حسب زعم الإعلام العبري، بينهم قائد ما يسمى "لواء عتصيون".
عقِبَ تنفيذ العملية، سرعان ما علَّقَ مراسل قناة كان العبرية: "لقد عدنا لأيام الانتفاضة- يقصد الانتفاضة الثانية".
فيما غرَّدَ مراسل يديعوت أحرنوت: "بينما مئات الجنود يعملون في شمال الضفة لليوم الرابع تواليًا، فإننا في الجنوب نشهد انقلابًا في المشهد، حدثٌ لم نشهده منذ الانتفاضة الثانية".

ونقلت "يسرائيل هيوم" العبرية، عن القياد الوسطى في الجيش الإسرائيلي قولها: "نحذر من أنَّ الضفة الغربية على وشك الانفجار، وإذا حدث ذلك سيضيف عبئًا جديدًا على قواتنا".
وفي وقتٍ لاحق، أعلنت سلطات الاحتلال، إغلاق جميع مداخل ومخارج مدينة الخليل وقراها، ومنع المركبات الفلسطينية من التنقل على الشارع الرئيس "خط 60 الالتفافي"، وفرض قيود مشددة، وتفتيش صارم للدخول إلى الحرم الإبراهيمي الشريف، كما اقتحمت مناطق واسعة في المحافظة، وشنت حملات اعتقال، طالت ستة مواطنين، يزعم الجيش الإسرائيلي بأنهم على صلةِ بمنفذي العملية.

ومن جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، والمحلل السياسي، د. بلال الشوبكي، بأنَّ الإعلام العبري وصف عملية الخليل "بالنوعية"، بسبب حالة الهدوء التي شهدتها المحافظة خلال الفترة الأخيرة، واعتقاد الاحتلال بأنَّها حُيّدت، ولم تعد تستجب للحالة العامة في فلسطين".
وتابع: "ما جرى يعد انخراطًا في الحالة، والتحوّل النوعي أتى بمجرّد دخول الخليل على خط المواجهة، إضافةً إلى ذلك، فإن هذه المحافظة مختلفة عن نظيراتها شمال الضفة، بحيث أنها محاطة بالمستوطنات من كل الاتجاهات، مما يجعل التخوّف منها أكبر من جانب المستوطنين، ودولة الاحتلال، عدا عن الحجم الديمغرافي لمحافظة الخليل، كونها تعدّ الأكبر في فلسطين".
وأضاف: "من المبكر الآن القول بأن الفصائل الفلسطينية تبتكر أساليب جديدة، وتعيد إلى الأذهان سيناريوهات الانتفاضة الثانية، كون مقدّرات التشكيلات المسلحة محدودة مقارنةً مع سنوات 2001 و2002، وغيرهما، حيث مورست الكثير من السياسات لمحاولة اجتثاث الفصائل، وتجفيف منابعها المالية.. نعم هناك تحولات وتطور في الأداء، لكن الحديث عن قدرات عسكرية كبيرة أمر مبالغ فيه".
وأردف: "المؤشرات لدينا حتّى الآن، بأن الأمور تتجه نحو التصعيد من قِبل الاحتلال، وأَستبعد أن تشهد المنطقة هدوءًا، وكلما كان هناك تصعيدًا إسرائيليًا، كان هناك ردًا فلسطينيًا، وقد يكون التصعيد في مناطق معينة، وهدوءًا في أُخرى، لأن الحالة العامة هي حالة تصعيد، كون السياسات الإسرائيلية تسير دون وجود رؤية أو أفق سياسي للتواصل مع الفلسطينيين في إطار التسوية الفلسطينية وحل الدولتيْن".
واختتم: "الغلبة الآن لدى المستوى السياسي الإسرائيلي الذي يؤمن بضرورة حسم الصراع، وبالتالي نحن أمام إسرائيل التي تريد الانتقال من مفهوم إدارة الصراع إلى حسمه، وهذا يشير إلى أننا مقبلون على تصعيد من الطرف الإسرائيلي".
