انحياز منصات التواصل: "لا قيود على التحريض بالعبرية"
تضاعفت الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي خلال العام الماضي، وبرزت تحديداً خلال الشهور الثلاثة الأخيرة منه، بالتزامن مع بدء حرب الإبادة المتواصلة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
استناداً إلى المؤشر السنوي الذي يعده مركز صدى سوشال، استعرضنا خلال اليومين الماضيين بعض ملامح الإبادة الرقمية التي يواجهها الفلسطينيون والمؤيدون لقضيتهم، والتي شملت تشديد منصات التواصل الاجتماعي رقابتها على المحتوى الذي ينقل الإبادة والتحيز الخوارزمي المكثف تجاه المحتوى المؤيد لفلسطين داخل فلسطين وخارجها، وكذلك التعتيم الرقمي الذي فرضه الاحتلال وتأثيره على الفلسطينيين عامة والصحافيين منهم خاصة.
نستعرض اليوم، استناداً إلى المصدر نفسه، خطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين على منصات التواصل الاجتماعي التي تساهلت مع هذا النوع من المحتوى، رغم مخالفته لسياساتها.
لم يبدأ التحريض وخطاب الكراهية ضد الفلسطينيين في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بل راح يتخذ منحى تصاعديا منذ يناير/ كانون الثاني 2023 بشكل ملحوظ، وواجه الفلسطينيون ومناصرو فلسطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الأخطار والتحديات عند التعبير عن آرائهم. ومع تزايد موجات العنف والعنصرية، تتزايد المخاوف من انتقال الاضطهاد والتضييق من صفحات التواصل الاجتماعي إلى أرض الواقع.
ورصد مركز صدى سوشال خلال عام 2023 أكثر من 28 ألف منشور تحريضي وخطاب كراهية، 27 ألفاً منها وردت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، وشملت دعوة للقتل الصريح، وتشهيراً بالصحافيين، وتحشيد الجماعات لملاحقتهم، من دون اتخاذ منصات التواصل الاجتماعي خطوات الرقابة نفسها التي تتخذها عند التعامل مع المحتوى العربي.
ووصلت إلى الفلسطينيين رسائل خاصة من مستوطنين على مواقع التواصل الاجتماعي تهددهم بالقتل والملاحقة، وحملات للتبليغ ضد الصفحات والحسابات التي قدمت محتوى فلسطينياً على مواقع التواصل ومقالات نشرت باللغة العبرية في الصحف الإسرائيلية تحرض على الفلسطينيين.
ولا تنتهي انعكاسات تهديدات المستوطنين وتحريضهم ضد الفلسطينيين عند الحيز الرقمي، بل تتجاوزه إلى الفعل الحقيقي، إذ سجل عام 2023 استشهاد 29 فلسطينياً برصاص المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، وتكرر حرق منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم.
في يناير 2023 تصاعد التحريض ضد الفلسطينيين، وشاركت فيه صفحات وحسابات رسمية تتبع للحكومة الإسرائيلية وجهاز الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة المحتلة، كما ضلعت فيه شخصيات تحتل مواقع رسمية في الحكومة الإسرائيلية.
وشملت منشوراتهم تهديدات وتحريضاً على طرد الفلسطينيين وهدم بيوتهم وقتلهم ومعاقبتهم والتنكيل بهم. وشملت أيضاً هجمات من آلاف الحسابات على حسابات ناشطين ومؤثرين فلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وحملات للتبليغ ضد الصفحات والحسابات التي قدمت محتوى فلسطينياً.
وقد وثق مركز صدى سوشال خطابات كراهية وتحريض متزايدة ضد الفلسطينيين صدرت عن مستوطنين وقيادات إسرائيلية، كانت أبرزها الدعوة والتحريض على قتل الفلسطينيين بالتزامن مع الاعتداء الإسرائيلي على مخيم جنين. كما استهدف خطاب الكراهية والتحريض في الشهر الأول من عام 2023 الناشطات، إذ حرّض نائب رئيس بلدية القدس أرييه كينغ عبر "إكس" (تويتر سابقاً)، على الناشطة المقدسية آلاء الصوص، وحرض مستوطنون على الناشطة هند الخضري عبر المنصة نفسها.
وتلقت عارضة الأزياء الأميركية من أصل فلسطيني بيلا حديد خطابات تحريض عليها بسبب استنكارها الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين.
وفي فبراير/ شباط 2023، شاركت في هذه الحملة مؤسسات رسمية إسرائيلية ومستوطنون وصفحات وحسابات رسمية تتبع للحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي وجهاز الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة المحتلة، وشملت تهديدات وتحريضاً على طرد الفلسطينيين وهدم بيوتهم وقتلهم ومعاقبتهم والتنكيل بهم، برزت خصوصاً بالتزامن مع اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال على بلدة حوارة، جنوب نابلس، والدعوة إلى إبادة البلدة وحرقها بالكامل، كما صدر عن وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريش.
ودعا المتحدث باسم العضو في كنيست الاحتلال ليمور سون هار ميليخ من حزب عوتسما يهوديت، إليشع يريد، إلى محو بلدة حوارة الفلسطينية، عبر حسابه في منصة إكس.
وخلال يناير وفبراير الماضيين، حين تولي إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، رصد "صدى سوشال" استخدامه "إكس" للإعلان عن قراراته المعبرة عن محاصرة الفلسطينيين والتضييق عليهم، منها تنفيذ عملية واسعة في غزة والاعتداء على الأسرى، وقرارات أخرى تشمل الفلسطينيين في جميع مناطق وجودهم، من دون مراعاة لقوانين المنصة التي تمنع التحريض على العنف.
ونشر بن غفير نحو 115 تغريدة منذ توليه منصبه، معظمها تحمل في مضمونها تحريضاً على الفلسطينيين، والتي تخالف معايير النشر على المنصة، لكنه لم يتعرض لإيقاف صفحته أو تقييده أو حتى حظره لفترة معينة، وهذا يدلل على ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية.