خبير اقتصادي: ثلاثة أسباب أدت إلى ارتفاع اسعار السكن ومستلزماته خلال عامين
تكاليف الحياة لم تعد في هذه الفترة كما كان عليه الأمر قبل كورونا، أسعار بعض السلع والخدمات ارتفعت وأخرى تراجعت. في فلسطين كما غيرها من الدول تأثرت الأسعار بمعطيات اقتصادية مختلفة بعضها عالمية وأخرى محلية.
البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء وحصلت عليها "الحياة الاقتصادية" تظهر أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك (مؤشر غلاء المعيشة) في فلسطين ارتفع بشكل عام منذ كانون الأول 2019 حتى نهاية تشرين الأول الماضي بنسبة 2.13 %، بمعنى أن كل 100 شيقل في السوق كان المتسوق يشتري بها سلعا وخدمات معينة في كانون الأول 2019 أصبح بحاجة إلى 2.13 شيقل إضافية كي يشتري نفس القيم من الأغراض أي أنه سيحتاج إلى 102.13 شيقل.
جاء ذلك في تقرير صحفي أعده الصحفي أيهم أبوغوش لصحيفة الحياة الجديدة والذي يتناول أسباب ارتفاع أسعار الشقق، إضافة الى أوجه إنفاق الأسر الفلسطينية، والتي وجد أن 55 % منها يذهب للطعام والشراب، والنقل والمواصلات، والسكن، والتعليم.
ويقيس الرقم القياسي لأسعار المستهلك (14) مجموعة سلعية وخدمية تشكل في النهاية مؤشرا حول مسار الأسعار في فلسطين بحيث يكون لكل مجموعة وزن في المؤشر أعلاها مجموعة المواد الغذائية والمشروبات المرطبة التي يبلغ وزنها 28% من مجمل الوزن الحسابي للمؤشر.
ومنذ كانون الأول 2019، هناك 8 مجموعات سلعية وخدمية ارتفع سعرها بنسب متفاوتة، لكن في المقابل هناك 6 مجموعات أخرى انخفض سعرها.
وجاءت السلع والخدمات التي ارتفع سعرها على النحو الآتي:
1-السكن ومستلزماته: ارتفعت أسعار السكن في فلسطين منذ كانون الأول 2019 لغاية تشرين الأول 2021 بنسبة 8.24% الأمر الذي يجعل هذه المجموعة الأكثر ارتفاعا بين السلع الأخرى، وهو ما يعني أن شقة كان سعرها تقريبا 100 ألف دولار قبل عامين، اصبحت تساوي تقريبا اليوم 108 آلاف دولار.
2-خدمات التعليم: ارتفعت بنسبة 7.56%.
3-السلع والخدمات الترفيهية والثقافية: ارتفعت بنسبة 6:55%.
4-النقل والمواصلات: ارتفعت بنسبة 6:02%.
5-الخدمات الطبية: ارتفعت بنسبة 2:35%.
6-المواد الغذائية والمشروبات المرطبة: ارتفعت بنسبة 2:28%.
7-الرعاية الشخصية والحماية الاجتماعية والسلع والخدمات المتنوعة: ارتفعت بنسبة 0.42%.
8-سلع وخدمات متنوعة: ارتفعت بنسبة 0.28%.
أما السلع والخدمات التي انخفض سعرها خلال الفترة نفسها فهي:
1-خدمات المطاعم والمقاهي والفنادق: كانت هذه المجموعة السلعية الأكثر انخفاضا تأثرا بمسار جائحة كورونا إذ تراجعت أسعارها بنسبة 11.83%.
2-الأقمشة والملابس والأحذية: انخفضت بنسبة 3.43%.
3-الاتصالات: انخفضت بنسبة 1.06%.
4-الأثاث والمفروشات والسلع المنزلية انخفضت بنسبة 0.81%.
5-المشروبات الكحولية والتبع انخفضت بنسبة 0.20%.
6-التأمين والخدمات المالية انخفضت بنسبة 0.10%.
في تعليقه على هذه المعطيات، يقول الخبير الاقتصادي د. بكر اشتية أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية في نابلس لـ"الحياة الاقتصادية": إن مصادر الدخل لم تتراجع لدى الفلسطينيين خاصة في الضفة الغربية إذا ما قارنا الوضع الحالي بما كان عليه الحال قبل كورونا، مشيرا إلى أن رواتب العمال في اسرائيل على سبيل المثال ترتفع، والموظفون استمروا في الحصول على رواتبهم، وكذلك الأسواق بقيت تعتمد على تسوق فلسطينيي الداخل، وبالتالي فإن توفر السيولة النقدية في السوق أسهم بشكل كبير في إحداث نوع من التضخم.
ويضيف: "الوضع إجمالا في الضفة الغربية جيد، وحتى مستويات الفقر والبطالة ضمن المستويات المقبولة، فالبطالة تتركز فقط بين خريجي الجامعات، وبالمجمل الشعب لديه بشكل عام مصادر دخل جيدة، وإن كان الوضع المالي للسلطة الوطنية ليس كما يرام".
ويشير د. اشتية إلى أن حصول تضخم نسبته 2.13 % خلال حوالي عامين هو أمر طبيعي، لكن السؤال هل هذا فعلا هو الحجم الحقيقي للتضخم؟، منوها إلى أن الجهاز المركزي للإحصاء يجب أن يجيب على هذا السؤال ولماذا المواطنون يشعرون أن حجم الارتفاع في الأسعار هو أعلى من الأرقام المعلنة رسميا.
أما عن ارتفاع سلع معينة وانخفاض أخرى، فأشار د. اشتية إلى أن ارتفاع اسعار السكن ومستلزماته خلال آخر عامين يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية، الأول هو وجود شح في الأيدي العاملة بقطاع العقارات والإنشاءات في الضفة بسبب ارتفاع أجور الأيدي العاملة في إسرائيل، وثانيا حصول ارتفاع على أسعار المواد الأولية المستخدمة في البناء عالميا بسبب قلة العرض وارتفاع رسوم الشحن العالمي، وثالثا هو توجه جزء من فائض السيولة في الضفة لصالح شراء العقارات، فجزء من المضاربات يتوجه إلى هذا القطاع.
وحول ارتفاع كلفة التعليم، أشار د. اشتية إلى وجود سببين، الاول هو الأزمة المالية التي تمر بها الجامعات واضطرارها إلى رفع الأقساط بسبب عدم تلقيها لمساعدات حكومية، والثاني هو ازدياد ثقافة التوجه لدى فئات مجتمعية مختلفة نحو تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة.
أما سبب ارتفاع كلفة النقل والمواصلات كما جاء في مؤشر غلاء المعيشة، فبين د. اشتية، أن ارتفاع أسعار المحروقات عالميا إلى مستويات أعلى مما هي عليه قبل نحو عامين هي التي أدت إلى ارتفاع هذه المجموعة السلعية.
وبخصوص المجموعات السلعية والخدمية التي انخفضت أسعارها، قال د. اشتية إن انخفاض أسعار مجموعة المطاعم والمقاهي والفنادق، ناجم عن تكبدها خسائر فادحة خلال حالة الطوارئ، وهي لم تستعد بعد عافيتها.
أما انخفاض مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية، فبين د. اشتية أن ذلك يعود إلى تنامي فكرة التجارة الإلكترونية وشراء ملابس وأحذية(أون لاين)، الأمر الذي انعكس على واقع السوق وأرغم تجارا على تقديم عروضات وبعضهم خرج من السوق.
يشار إلى أن سلة المواد الغذائية والمشروبات المرطبة تمثل نحو 28% من الوزن الحسابي لمؤشر اسعار المستهلك، بمعنى أن كل 100 شيقل يمتلكها المستهلك فإن 28 شيقلا ينفقها على المواد الغذائية والمشروبات وهو ما يجعل وزنها في مؤشر غلاء المعيشة الأعلى بين 14 وزنا تمثل مختلف انواع السلع التي تقيس مؤشر غلاء المعيشة .
بينما تشكل مجموعة السكن ومستلزماته نحو 9.07% من الوزن الكلي لمشتريات الأسرة الفلسطينية، وتشكل مجموعة النقل والمواصلات 14.26% من حجم انفاقها، والتعليم 3.56%، أي أن الأسرة الفلسطينية تنفق نحو 55% من دخلها على أربعة بنود أساسية فقط: الطعام والشراب، والسكن، والنقل والمواصلات، والتعليم، لذا نجد ارتفاع وزنها في مؤشر غلاء المعيشة مقارنة مع أوزان مجموعات سلعة وخدمية أخرى.