استخدام الاجتماعات في البلديات كأداة إدارية ودورها في رفع إنتاجية الموظفين
بقلم / محمد مسالمة
الاجتماعات واحدة من الأدوات الإدارية التي خلقت من أجل التخطيط للعمل وتقييم مخرجاته وتوجيه العاملين، لذا فإن توظيف الاجتماعات بشكل يومي والاعتياد عليها يرفع إنتاجية الموظف، ومستوى جودة الإنتاج والخدمات.
تعتبر الهيئات المحلية مؤسسات لامركزية في الإدارة، ولها صلاحيات شبه واسعة في تطبيق إجراءات إدارية وقانونية على المواطن، في قضايا التنظيم والبناء والخدمات والرسوم والديون وغيرها من القضايا العديدة، وبالنظر إلى إنتاجية الموظف في الهيئات المحلية بالمقارنة مع الصلاحيات الممنوحة والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، أطرح سؤالي الذي أنوي الإجابة عليه ما استطعت أكون قريباً من الصواب: هل تعتبر الاجتماعات ثقافة تمارسها الإدارة في بلدياتنا، وترتكز عليها لرفع إنتاجية الموظف وتعزيزها؟!
حاولت الإجابة على هذا السؤال من خلال بحثٍ علمي أجريته على محافظة الخليل؛ وذلك لتوفير مؤشرات عن أهمية الاجتماعات في العمل الإداري، بالإضافة إلى قياس اتجاهات مدراء الهيئات المحلية في توظيف الاجتماعات كوسيلة للتخطيط والتقييم، وهل حقّاً يستجيب الموظف لمخرجات الاجتماعات وتوصياته، ومدى مساهمة وزارة الحكم المحلي في خلق ثقافة تنظيمية في الهيئات المحلية.
إن المنظور العلمي لهذا الطرح مبني في إطار "المدرسة السلوكية" التي تركّز على أن حركة النشاط الإنساني يرتبط بالمناخ الثقافي والحضاري، وتنعكس خصائص المناخ الحضاري على المؤسسة ويصيب تأثيرها ثقافة الفرد المؤسساتية، الأمر الذي يؤدي إلى إنتاج سلوكيات تدعم الإنتاج وتعززه أو تحبطه وتدمره (درّة، 2009، ص:97).
في علم الإدارة، ينظر إلى الاجتماعات على أنها محصّلة الأفكار، بها تتجمّع الاقتراحات وتتبادل المعرفة والخبرات، في طريق إلى الوصول لمستوى عالٍ من الأداء والإنتاجية في العمل، والاجتماعات وسيلة لتركيز الضوء على قضية معينة من أجل اتخاذ قرار أقرب ما يكون إلى الصواب والشمولية. وعلى ناحية أخرى من أجل تقييم أداء الموظفين والعاملين وقياس الرضا العام عن الخدمات. (العديلي، 1995، ص: 148). ويمكن اعتبار الاجتماعات سلوك تنتهجه الإدارة في إطار ثقافة تنظيمية تبنيها، يظهر أثره على المخرجات، والمقصود هنا جودة وإنتاجية وأداء الموظفين والعاملين (مصطفى، 2004، ص: 317).
ترنو الإدارة من خلال الاجتماعات إلى تحقيق حاجات الموظفين والعاملين والتي أيضاً تنعكس على إنتاجيتهم، كتحقيق الحاجات المادية وإعلانها، وهو فرصة لخلق مرونة في العمل والإشراف من خلال إشراك الموظفين في اتخاذ القرارات ورسم الخطط والسياسات ( اسماعيل، 2005، ص: 89).
في ضوء ذلك، يمكننا القول أن للاجتماعات دور في تعريف الموظفين والعاملين على عملهم، وإدخالهم في صلب إتخاذ القرارات والتخطيط للعمليات التي من المفترض أن يقوموا بها من أجل تقديم الخدمات، وبالتالي ينعكس على مدى إدراكهم لعملهم، ويعتبر الإدراك أهم العمليات التفكيرية التي تؤثر على سلوك الأفراد والجماعات، ويمكن اعتباره عاملاً مهماً في فهم البيانات الواردة من خلال المدخلات (شهيب، 1978، ص:388).
توصلت دراسه اجراها (Peters & Waterman) ان هناك علاقة إيجابية بين الثقافة التنظيمية القوية وبين إنتاجية الموظفين وإنجازهم لمهامهم في المنظمة، وأن الثقافة التنظيمية تنعكس على مدى إدراك الموظفين والعاملين لمهامهم دون لوائح وتعليمات وخرائط وكتيبات، كما يرى الباحث (Jay Barnry) أن الثقافة التنظيمية القوية تؤدي إلى إنتاجية إقتصادية أعلى، وتزيد الإنتاجية كلما كانت الثقافة ذات قيمة، أي أنها تساعد على الإنجاز والأداء الأفضل ( حريم، 2004، ص: 339).
بناء على قرار وزير الحكم المحلي السابق د. حسين الأعرج في شهر ابريل/ 2016، فإن الوزارة تقوم بدعم البلديات التي تحصل على ترفيع من أجل مساندتها والنهوض بها إلى مستوى أعلى حتى تقدّم خدمات أفضل لمواطنيها. ويقضي قرار الوزارة بتصنيف البلديات إلى فئات (أ، ب، ج)، ونص القرار على أنه يتم ترفيع البلديات من فئة إلى فئة أعلى بقرار من وزير الحكم المحلي (موقع وزارة الحكم المحلي، 2016)
وفي ضوء البحث عن دور الاجتماعات في رفع إنتاجية الموظفين والعاملين في الهيئات المحلية في محافظة الخليل، وإجراء المقابلات مع الإداريين في 12 هيئة محلية تبين أن غالبية الهيئات المحلية في محافظة الخليل، لا تمارس الاجتماعات الإدارية في العمل اليومي، وبالتالي تغيب الاجتماعات عن سمات الثقافة التنظيمية العامة فيها.
هناك علاقة قوية بين تنظيم الاجتماعات ورفع إنتاجية الموظفين والعاملين في الهيئات المحلية، ويظهر أن الهيئات المحلية التي تتابع العمل من خلال الاجتماعات تحقق أهدافها بسهولة وسرعة وجودة عالية، في حين أن عينة الدراسة من الهيئات التي تفتقد للاجتماعات تعاني من العمل غير المنظم وصعوبة في تنفيذ المهمات.
غالبية المدراء في الهيئات المحلية يدركون أهمية الاجتماعات في تعزيز العمل، وفي رفع الانتاجية وتحسين الأداء وتصل نسبتهم إلى (93%) من عينة الدراسة، في حين أن نسبة قليلة منهم ينظمون الاجتماعات، وهذا يؤشر إلى أن المعرفة بالأهمية لا تكفي؛ وإنما تحتاج الهيئات المحلية إلى إدراج الاجتماعات كنمط أو أسلوب متابعة وتعويد الموظفين والعاملين على إتباعه.
يظهر أن الهيئات المحلية تمارس الاجتماعات غالباً على مستوى كافة الموظفين، وليست اجتماعات تخصصية لمراجعة أو مناقشة حيثيات العمل أو مهمّة عمل بعينها، وبالتالي يعتبرون أن الاجتماعات تتم على كافة المستويات الادارية ويعتزون بذلك، وفي تعبير أورد ذكره يؤكد على ذلك "حتّى الفراش يتم استدعاءه للاجتماعات".. هذا يشير إلى أن الاجتماعات التي تخدم تقنيات وتكتيات وحيثيات العمل غائبة الى حد ما حتى عند الهيئات التي تعتبر ذاتها تنظم الاجتماعات في عملها اليومي، وأن الاجتماعات على مستوى كافة الموظفين تناقش أمور عامة لها علاقة بالمؤسسة بشكل عام ومستقبلها وآفاقها.. الخ.
إن الموظفين يستجيون في الغالب لمخرجات الاجتماعات، ولكن تكون الاستجابة مرهونة بمدى متابعة الإدارة لهم، وفي أحيان أخرى يتقبل الموظف القرارات لكن لا يتم تنفيذها نتيجة لغياب المتابعة، وهذه النقطة كانت مبرر لمن يعتبرون أن الاجتماعات وحدها غير كافية لرفع إنتاجية الموظفين في الهيئات المحلية في حال غياب المتابعة والرقابة وتقييم الأداء من وقت لآخر.
تعميمات وزارة الحكم المحلي بشأن تنظيم الاجتماعات وخلق ثقافة تنظيمية في الهيئات المحلية غير ملزمة، وإنما تتاح للإدارة العليا اختيار نمط الإدارة الذي يوائم هيئتها، ولكن في حال حدوث خرق مالي أو إداري تصدر المديرية تقاريرها وتوصياتها وعلى الهيئة المحلية للالتزام أو ينتهي الأمر بفرض إجراءات من شأنها إلزام الهيئة المحلية بقواعد القانون والنظام العام.
المراجع
3- درّة، عمر. مدخل إلى الإدارة. كلية التجارة، جامعة عين شمس. القاهرة. 2009.
4- إسماعيل، عبد الكريم. دور الهيئات المحلية الفلسطينية في تعزيز المشاركة وإحداث التنمية السياسية. رسالة ماجستير. كلية الدراسات العليا. جامعة النجاح الوطنية. 2005.
6- شهيب، محمد. السلوك الإنساني في التنظيم- دراسات في الفكر الإداري الحديث، الطبعة الثالثة. كلية التجارة، جامعة القاهرة. 1978.
7- العديلي، ناصر. السلوك الإنساني والتنظيمي- منظور كلي مقارن. معهد الإدارة العامة- الرياض. 1995.
8- مصطفى، أحمد. إدارة الموارد البشرية- الإدارة العصرية لرأس المال الفكري. كلية التجارة، جامعة الزقازيق. القاهرة. 2004.
10- حريم، حسين. السلوك التنظيمي: سلوك الأفراد والجماعات في منظمات الأعمال، الطبعة الثانية. دار الحامد للنشر والتوزيع. عمان، الأردن. 2004.
المراجع الالكترونية
1- توزيع الهيئات المحلية في فلسطين حسب نوع الهيئة والمحافظة. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. تاريخ الاسترجاع: 08.08.2018. الساعة: 12:09.
http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_Rainbow/Documents/Local%203A.htm
3- قرار تصنيف ودعم البلديات، د. حسين الأعرج. موقع وزارة الحكم المحلي. تاريخ الاسترجاع: 16.08.2018. الساعة: 6:13 صباحاً.
http://www.molg.pna.ps/news_details.aspx?id=7827