"التصفية".. محلات تجارية للملابس تجتاح أسواق الخليل
شبكة الحرية الإعلامية -(هيئة التحرير)- ما من شارعٍ في مدينة الخليل، إلا وأصبحنا نجد فيه، محلات تجارية، تتخصص في بيع الملابس "تحديداً"، بأسعارٍ يروَّج على أنها أقل من سعر السوق، تحت مسمى "التصفية"، وعادةً تضم أماكن التسوق هذه، كميات كبيرة من البضائع المستوردة، ومنها رديء الجودة، ومنها المتوسط، ومنها ما يكون جيداً إلى حدٍ ما.
في الخليل، والتي تعتبر المدينة صاحبة السوق التجاري الأكبر، وحركة التسوّق الأضخم على مستوى الوطن، يوجد الكثير من محلات "التصفية" المتخصصة ببيع الملابس، وتنشط هذه المحلات إعلانياً، فتجد إعلاناتها في كلّ مكان، إضافةً إلى وجودِ صفحاتٍ خاصة بها، مموَّلة، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتحظى بكمٍ كبير من المتابعين والمتابعات.
الهدف الرئيس لمحلات "تصفية" الملابس، بيع أكبر كم ممكن من البضائع، ولو حقق ذلك قدراً أقل من الأرباح التي تجنيها المحلات العادية، وباتت البضائع فيها بأسعار "البسطات"، لكن في محلات فخمة، فيها أحياناً زي موحد للعاملين أو العاملات، وقد يتكوَّن المبنى من طوابق متعددة، فيها أقسام مختلفة، وفقاً للعمر والنوع: "رجالي، ستاتي، أطفال...إلخ".

* أسعار تتناسب مع الجودة
"أبو أحمد شلالفة"، مواطن من قرى الخليل، ويعمل في سلك التعليم، يرى بأن أسعار الملابس التي تباع في محلات التصفية، مقبولة بالنسبة للمواطنين، ودخلهم المادي، وإمكانياتهم الشرائية، وهو ما يجعل الأهالي تحديداً، يقبلون عليها، من أجل اقتناء بضائع لمواسم معينة، كالصيف، أو الشتاء، أو المناسبات، بأسعار جيدة.
وأوضح شلالفة، بأن أسعار هذه الملابس، تتناسب مع جودتها، منوهاً إلى أنها ليست بجودةٍ مميزة، وعادةً تكون "صينية"، ولا تحتمل غسلها بشكلٍ متكرر، وهذا غالباً -وفقاً لرأيه- وليس بشكلٍ دائم، ولا ينطبق ذلك على كل المحتوى داخل محلات التصفية.
* موديلات قديمة
ومن جانبها قالت المواطنة "أفنان عبيد"، ربة منزل، بأن محلات تصفية الملابس، مليئة بالموديلات القديمة، والتي يكون من الطبيعي جداً بأن تنخفض أسعارها مقارنة مع الموديلات الحديثة، والضائقة المالية التي يعاني منها المواطن الفلسطيني، وانحسار دخله، دفع إلى التعويل كثيراً على هذه المحلات -حسب رأيها-.
وأضافت: "أذهب إلى هذه المحلات بانتظام، أحياناً نجد أشياءً جديدة، لكن غالباً تكون البضائع قديمة، وكثير منها جودته سيئة، لكننا نضطر، فبالإمكان شراء (بيجامة) لطفل بسن 10 أعوام بعشرة شواقل فقط، وأتبع طرقاً معيناً لغسيلها كالاعتماد على الماء البارد، لكي لا تتضرر سريعاً".
* نشأت بفعل الوضع الاقتصادي
أنس حلاحلة، خرّيج محاسبة، وعاطل عن العمل، اعتبر بأن ظاهرة انتشار محلات "التصفية"، سواء الخاصة بالملابس أو غيرها، يعود إلى فهم كبار التجّار الحالة الاقتصادية في الوطن، مما يجعلهم يفكرون بافتتاح محلات مختصة ببيع المنتجات بأسعارٍ رخيصة مقارنة مع أسعار السوق، ويقبل عليها أصحاب الدخل المحدود، وهم الطبقة الأكبر محلياً.
وتابع: "ذهبت قبل أيام برفقةِ أصدقاء لمحل تصفية ملابس في الخليل، لشراء سترات شتوية، فكانت الأسعار مميزة جداً لمعظم البضائع، وتتناسب مع جودتها، ولو لم تكن هذه المحلات موجودة، لذهبت إلى (البسطات)، فهناك أجد ضالتي وفقاً لوضعي الاقتصادي، فأنا عاطل عن العمل منذ تخرجي قبل عاميْن تقريباً".

* محلات بديلة "للبسطات"
"كان الناس يبحثون عن أماكن لبيع الملابس بأسعار قليلة، ويمكنهم قياسها، والتأكد من تناسب حجمها معهم قبل دفع ثمنها، وهذه المعضلة كانت تواجههم عند الشراء من (البسطات)، وحلت محلات التصفية كبديل ناجح، ومناسب للناس، كما أنهم يأخذون راحتهم بالتسوق دون حرج داخل مبانٍ مغلقة"، هذا ما تحدثت به المواطنة "أم سائد الهور"، في الخمسينات من عمرها، وربة منزل.
وأردفت: "أحياناً قد تصاب الأنثى تحديداً بالحرج من شراء الملابس من (البسطات)، ولا تمتلك ثمن شرائها من محلات أخرى، وهذه الملابس قد تكون خاصة، فتصبح محلات التصفية خياراً وحيداً أمامها، وهذا برأيي يفسر الإقبال الكبير على هذه الأماكن، وتحديداً من قبل النساء، وربات البيوت".
* هل تضررت المحلات الأخرى؟
إذا كانت الطبقة الطاغية في المجتمع الفلسطيني، محدودة الدخل، وتتوجه إلى محلات التصفية لشراء الملابس، أو غير الملابس، فهذا يعني بأن المحلات التجارية الأخرى المتخصصة ببيع السلعة نفسها، تضررت بشكلٍ مباشرة.
إضافةً إلى ذلك، فإذا ارتأى المواطن بأن محل التصفية أصبحت أفضل بديل للبسطات، فهذا يشير بوضوحٍ تام، إلى إلحاق الأذى بالتاجر الصغير، وهو يشكّل نواة عمل، وحركة في الخليل، أو غيرها من المدن الفلسطينية.
