أونروا تهدف لتوفير شبكة أمان مالي
كشف سامي مشعشع الناطق الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" ومدير مكاتبها الإعلامية عن معالم لخطة طريق تسابق الوكالة فيها الزمن للوصول الى شبكة أمان مالية لتجاوز الهزة الامريكية بوقف المساعدات المالية عنها وتسعى الى تحقيقها بما يحفظ حقوق وكرامة اللاجئين الفلسطينيين في مرحلة من أصعب المراحل والمخاطر التي تواجهها الوكالة الاممية للشؤون الإنسانية.
واوضح مشعشع في صالون القدس الثقافي الذي تنظمه مؤسسة الدار للتنمية المجتمعية و الثقافية بادارة المهندس سامر نسيبة، أبعاد هذا القرار الامريكي وتداعياته الخطيرة ، التي هي في المحصلة النهائية ، قرارا سياسيا بامتياز ، لا يمت بصلة الى طريقة ادارة الوكالة ولا علاقة له برزمة اصلاحات ، تطالب الادارة الامريكية اعتمادها داخل جسم المؤسسة الدولية.
"الكرامة لا تقدر بثمن ..!"
وقال ان الوكالة اطلقت مع بداية العام حملة "الكرامة لا تقدر بثمن" وانتهجت عبرها خطة تمويلية ناشطة تهدف بالدرجة الاولى الى تعزيز العلاقة التاريخية مع ثاني اكبر متبرع للوكالة الا وهي المجموعة الاوروبية التي بدأت في تسريع المساعدات " بما يمكننا من المحافظة على ال 30 الف موظف وتأمين رواتبهم في مواعيدها والإبقاء على خدماتنا الحيوية مستمرة دونما انقطاع".
أوضاف: "نعمل على تكريس مبدأ التبرع متعدد السنوات، ليشمل العديد من الدول في العالم بما فيها دول العالم الاسلامي حيث تلعب الدولة التركية دوراً محورياً وأساسياً إلى جانب ماليزيا وإندونيسيا في هذا المجال، ويجري التشاور معها باتجاهات مختلفة من زيادة التبرعات الى الاستفادة من أموال الصدقات والزكاة وإنشاء وقفية خاصة – بالتعاون مع دول الجامعة العربية على وجه التحديد -، بدعمٍ وضخ الأموال إلى صناديق الأونروا لتواصل الاضطلاع بدورها التاريخي والتنموي البشري في حمل واحتضان قضية كبرى مثل قضية الملايين من اللاجئين الفلسطينيين المنكوبين. وتمت كذلك مخاطبة مجموعة دول "البريكست"، من أجل تنشيط دورها وزيادة حجم تبرعاتها، بالإضافة لدول أخرى. كما نعمل مع البنك الدولي نحو إنشاء صندوق دولي لدعم برنامج التربية والتعليم في الوكالة بالإضافة للعمل مع القطاع الخاص، وغيرها من الأنشطة التمويلية التي نعمل على تطويرها ومأسستها.
وقال: "واجهت الاونروا في الربع الأول من السنة عجزا تراكميا بلغ 446 مليون دولار ، واستطعنا في فترة قياسية، وبالتواصل مع عدد كبير من رؤساء الدول والأصدقاء ودعم كبير من الدول المضيفة وعبر عدد من المؤتمرات الخاصة بتمويل الاونروا، تخفيض هذا العجز وجسر الهوة المالية ليبلغ العجز اليوم 186 مليون دولار وهو ما يزال مبلغا كبيرا نأمل ان يتم تأمينه مع الإشارة الى الأهمية الكبيرة للاجتماع الخاص بتمويل الأونروا ، الذي سيعقد على هامش اجتماعات الجمعية العمومية نهاية الشهر الجاري بجهود الدبلوماسية الفلسطينية وبرعاية كل من الاردن وتركيا واليابان والسويد والمجموعة الاوروبية وبحضور ممثلين عن العديد من الدول الداعمة وهو اجتماع مهم يشكل فرصة اممية للقفز عن ضائقة العجز المالي والعمل لخلق ثبات مالي والنظر في إمكانية تثبيت ميزانية ثابتة للوكالة من ميزانية الامم المتحدة الى جانب التبرعات الطوعية".
الثبات المالي ..!
وتم في هذا السياق الاسترشاد بتصريح عادل الجبير وزير خارجية السعودية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية الذي انتهي يوم الأربعاء الماضي بأنه "لن نترك وكالة الغوث لوحدها" لتعزيز حملة الثبات المالي للمنظمة الأممية المشهود لها حتى أمريكياً بالكفاءة والشفافية في إدارة أكبر برنامج إغاثي وتنموي، حيث أنه، وعلى مدار 70 عاماً كانت الولايات المتحدة المتبرع الأكبر فيه، إذ وصلت حصتها تقريبا إلى 40% من إجمالي ميزانية الاونروا، والتي تغطي خدمات هائلة تدير دفتها الوكالة من تربية وتعليم ، 700 مدرسة، إلى جانب الصحة والاغاثة وبرامج وخدمات اقراض .. الخ.
ودرجت الادارات الامريكية المتعاقبة تاريخيا على الاشادة بدور الوكالة في تكريس الاستقرار والتنمية البشرية واعتبرتها نموذجا يحتذى في المنطقة.
وكانت دائما تشيد بأداء الوكالة حيث ان لجان الفحص المالي تدرك تماما ان الاونروا هي من اكفأ مؤسسات الامم المتحدة ، مطالبة الاونروا بإدخال مجموعة من " الإصلاحات " التي تطلبت تقليص كادر الموظفين و تعديل كتب المناهج الدراسية بحجة التحريض على العنف رغم ان الوكالة تعتمد في مناهجها على ترويج مبادئ حقوق الانسان كبرنامج تعزيزي مع التزام تام بتدريس مناهج الدول المضيفة ، الامر الذي خلق ردة فعل عكسية عند اللاجئين الذين أكدوا بأن هكذا اشتراطات جاءت لأضعاف الوكالة وبالتالي اضعاف قضيتهم. وتجدر الإشارة الى ان الولايات المتحدة كانت أكبر المتبرعين للأونروا وليس فقط للميزانية العادية ولكن لخدمات الطوارئ كذلك التي تصاعدت في فلسطين منذ العام 2001 وكذلك في سوريا منذ عام 2012 ، حيث ترجم ذلك الى ميزانيات مشاريع اعادة اعمار في مخيمات لبنان مثل نهر البارد وفي قطاع غزة التي تكلفت عشرات الملايين من الدولارات.
شريان الحياة..!
واشار مشعشع الى جملة من البرامج التي تأثرت بالقرار الامريكي المفاجئ ومن ضمنها خدمات الطوارئ خاصة في قطاع غزة الذي تأثر الى حد كبير لان وكالة الغوث هي شريان الحياة لفئات وشرائح واسعة تعتمد على هكذا مساعدات غذائية وعينية ومالية ، كما تأثر كذلك برنامج العمل مقابل المال وبرامج الصحة النفسية. وتبقى قضية تجديد ولاية الوكالة والتي تنتهي في شهر حزيران من عام 2020 قضية محورية ، فتجديد ولاية الاونروا لا يحدد من قبل دولة واحدة ومحددة وانما من الدول الاعضاء في الجمعية العمومية والتي في مجموعها داعمة للأونروا واستمرارية عملها. ويؤكد مشعشع ان الوكالة ليست للبيع وان هناك دعما سياسيا غير مسبوق لها ويترجم ماليا ..! ويجب هنا ان لا ننسى الدور الجماهيري والشعبي في دعم الوكالة وتعزيز القطاع العام والخاص العربي والفلسطيني لها وهذا لا "يعرّبها" أو "يفلسطنها" ولكنه يكون الجواب الامثل على محاولات اضعاف مكانة المؤسسة ودورها ، علما بأن الفشل في ايجاد الحل السياسي لقضية اللاجئين يجب ان لا يسحب نفسه على الدور التنموي والاغاثي لوكالة الغوث التي تحمل هم قضية اللاجئين الى العالم والتي يحظى دورها الريادي في النهاية بإجماع دولي واممي واسع .