حينما يكون "أبو جهاد" قائداً "للحرية"
الحرية - كتب محمَّد عوض - لو كانت "الحرّية"، كشبكةٍ إعلامية، وإذاعة، وتلفزيون، وسيلة إعلام عادية، لتحطمت، واندثرت، وخابت؛ إذ أنها تعرَّضت منذ تأسيسها لصدماتٍ عديدة، ولظروفٍ شاقة على مختلف الأصعدة، تلك المعضلات العظمى، كانت كفيلة بهدمِ أيِّ صرحٍ مهما علا شأنه، وتقويض طموحه، وإعادته إلى نقطةِ الصفر، أو حتى ما قبلها، لكن كانت المسائل مختلفة جداً، ليس لشيءٍ أكثر من وجودِ رجل خلفها، مستعد للتضحية بالغالي والنفيس، ليظل حلمه مشرقاً، ومحافظاً على سيرورة تطورها كوسيلةٍ إعلاميةٍ وطنية.
رئيس مجلس إدارة شبكة الحرّية الإعلامية، أيمن القواسمي "أبو جهاد"، الرجل صاحب الرؤية المميزة الثاقبة، والذي يتطلع إلى كلِّ كبيرة وصغيرة بعينيْن مفتوحتيْن، يمتلك طموحاً رهيباً، لا يتوقف عن المضي إلى الأمام، مع أنه يسير في دربٍ مليء بالأشواك، والصخور، ويعيش في واقعٍ صعب، حاصره مرّات عديدة، إلا أنه تفوَّق عليه، استمرت جهوده، فوصل بهذه الوسيلة الإعلامية، إلى مرحلةٍ متقدمةٍ جداً، جعلتها تلعب دوراً ريادياً وقيادياً، وعلى شتى المستويات، إلى أن باتت قبلةً إعلامية للمواطنين، والمؤسسات.
قبل حوالي عام، أو يزيد قليلاً، تعرَّضت الحرّية لهزةٍ عنيفة، بتدمير الاحتلال المقرّ كلياً، ومصادرة كل معداته، وتحطيم حتى أبسط الأشياء فيه؛ الخراب الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي، كان كبيراً جداً، ويقدّر بالملايين، إلى جانب منعها من البث عبر موجتها العاملة المعروفة 92.7 FM، وآنذاك ظن الكثير من المتابعين، بأن "الحرّية" وصلت إلى طريقٍ مسدود، كون التدمير لم يكن لأوِّلِ مرّة، والتكاليف باهظة، والحيثيات معقدة، ولا ضمان على شيءٍ يذكر، إلا همة الرجال الأوفياء المخلصين.
بعد عامٍ تقريباً على التدمير الأخير، استطاعت الحرّية بوجودٍ قائدٍ فذ، العودة مجدداً أقوى مما كانت، وبمقرّ جديد، وبمعدّات جديدة، وبتصميم عصري أنيق، يكاد يخلو الوطن من نظيره، عادت الموجة أقوى وأقوى، وظل طاقم الشبكة واقفاً على قدميه رغم كل محاولات الإحباط من محيطٍ لا يسهل النجاح فيه، رحل من رحل، وبقي من بقي، وكلٌ تحمل على عاتقه أعباءً كبيرة، حتى يرى الحرية تعود مجدداً أفضل مما كانت عليه، وبجهودٍ ذاتية بحتة، وبتمويل شخصي، بعيداً عن حسابات الأجندات لأيٍّ كان.
حينما يكون "أبو جهاد" قائداً لـ "الحرّية"، فالعودة لا بد منها، ليست كما كانت، بل أقوى بمئة مرّة، أصحاب النفس الطويل لا يخسرون إطلاقاً، قد يتعثرون ويسقطون، لكنهم ينهضون سريعاً، فالهدف أمامهم يعتبر سامياً، والدفاع عنه يكون باستبسال، "الحرّية" عادت مُجدداً، شاء من شاء، وأبى من أبى، وستبقى دائماً صوتاً ونصيراً للمظلومين، وللفقراء، ومنصةً لانتزاع الحق حينما تضيق الأفق، وستبقى نبراساً إعلامياً فلسطينياً، تلعب دور القائد، وتحمل هموم الوطن والمواطن.