الصحافة الفلسطينية تبحث عن حريتها في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة
ينحني مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" إجلالاً وإكباراً أمام أرواح شهداء الحقيقة الصحفيين أحمد محمد أبو حسين، مراسل إذاعة صوت الشعب، والصحفي ياسر مرتجى، مصور وكالة عين ميديا، اللذين ارتقيا شهداء برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء نقلهم الحقيقة للعالم، وأمام أرواح كل شهداء فلسطين الذين سقطوا وهم يدافعون عن فلسطين أرضاً وشعباً وهوية وتاريخ. كما يتمنى المركز الشفاء العاجل للصحفيين والصحفيات الذين أصيبوا وهم ينقلون للعالم فظاعات المشاهد، والتي يقترفها جنود الاحتلال بحق الأطفال والشباب واستهداف الرجال والنساء والأطفال بالرصاص الحي والمتفجر، وبالغازات السامة في مسيرات العودة وكسر الحصار عن قطاع غزة المحاصر منذ أحد عشرة عاماً.
يطالب مركز "شمس" المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والاتحاد الدولي للصحفيين والمؤسسات الدولية والإقليمية ذات الصلة بضرورة التحرك الفوري من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين الفلسطينيين باعتبارهم مدنيين، وجب على دولة الاحتلال حمايتهم وعدم الاعتداء عليهم استناداً للقانون الدولي الإنساني وفي مقدمته اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 ، فانتهاكات دولة الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين تزداد يوماً بعد يوم ، وفي مقدمتها القتل والاعتداءات الجسدية والإصابات واعتقال عدد من الصحفيين في سجونها ، ومنع آخرين من التنقل والسفر، ومصادرة أو إتلاف المعدات وقرصنة المواقع أو التشويش واستخدام صحافيين كدروع بشرية وإغلاق مؤسسات إعلامية. إن اعتداءات قوات الاحتلال على الصحفيين الفلسطينيين تعتبر الأكثر جسامة وخطورة وتأثيراً على وسائل الإعلام والصحافيين وعلى قدرتهم على الاستمرار في العمل والقيام بواجباتهم المهنية، ما يفضح المساعي الإسرائيلية غير المعلنة رسمياً لإبعاد الصحافيين ووسائل الإعلام عن أماكن الحدث بغية التعتيم على جرائمها.
ويذكر مركز "شمس" أنه وفي أكثر مناسبة قال الرئيس محمود عباس " أبو مازن" أن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير في فلسطين حدودها عنان السماء، ولكن الواقع يشير إلى أن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير في فلسطين في مأزق ، بل أن واقع الصحافة في فلسطين متردي ، فاعتقال الصحفيين واستدعائهم، وتخويفهم وتهديدهم ،بل وضربهم والاعتداء عليهم والتضييق عليهم، والاستقواء وغير ذلك من الأساليب ، مما يؤشر إلى أنه ما زال هناك مأزق في التشريعات الصحفية في فلسطين ، وأن هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لحماية الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين. ومع مرور 27 عاماً على إعلان ويندهوك في ناميبيا، والذي تم على أساسه اختيار يوم الثالث من أيار للاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، فإنه لا يزال أمام الصحافة الفلسطينية طريق طويل وشاق من أجل تحقيق مكتسبات هذا الإعلان وفي مقدمتها ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وتعددية كشرط لحرية الصحافة، وضمان أمن الصحفيين أثناء ممارستهم أعمالهم، وضمان التحقيق الشفاف في جرائم التعدي على حرية الصحافة.
ويؤكد مركز "شمس" على أن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير هي أحد أهم ركائز الحقوق والحريات الأساسية، بل أن هناك عدد من الحقوق الأخرى التي ترتبط بها ارتباطاً وثيقاً باعتبار حرية الصحافة مقدمة لضمان ممارسة المزيد من الحقوق الأخرى، فهي مرآة الحقوق والحريات العامة، ورئة الديمقراطية. كما أنها تعبير عن المواطنة الديمقراطية. وهي معيار لمدى ديمقراطية النظام السياسي. ورافعة أساسية لإرساء وتأسيس دولة القانون، ومؤشر حقيقي يعكس مدى وجود إرادة سياسية لضمان الحريات العامة بشكل يتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. فحرية الرأي والتعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، والصحافة يمثلان عنصرين ضروريين للوصول إلى المجتمع الحداثي. وبهذا تشكل حرية التعبير والصحافة شرطاً ضرورياً للمشاركة السياسية المدنية. فحرية الرأي والتعبير والصحافة هي من أهم أنواع الحريات وهي الأساس لكل الحريات إذ بدونها لا يمكن للإنسان أن يمارس الحرية وهي قائمة على تحقيق ذاتية الإنسان من خلال التعبير والرأي القائم على التفكير وعلى التخيل والإبداع والضمير الواعي، كما وتساهم حرية الصحافة في تحقيق الحكم الصالح وتدعيم أسسه وفي مقدمتها الشفافية والمحاسبة والمساءلة والرقابة. كما أنها تساهم بشكل فعال في تعزيز قيم التسامح والمساواة والحوار في المجتمع، والتي لا يمكن توفرها إلا في نطاق إطار حرية الرأي والتعبير والصحافة.