فرق دوري المحترفين ... المستوى العام متذبذب والاعتماد على أبناء النادي يحسّن الأداء
"المستوى العام لأندية دوري المحترفين"
عبد الفتاح عرار: عدم استقرار الأندية يقود إلى بطء التطور والمستوى تصاعد هذا الموسم
علي أبـو كباش : الفرق الفلسطينية تفتقد للاحتراف والأداء ضعيف لغياب المقـومات التقـدم
كتب محمـد عوض
ظهرت العديد من المباريات في الجولات السابقة، وحتى البارزة منها، مثل مباراة أهلي الخليل وهلال القدس على سبيل المثال في الأسبوع الخامس، بمستوى متواضع للغاية، وغلب أسلوب التحفظ الدفاعي على توازن الخطوط والاندفاع الهجومي، مما حال دون خلق الكثير من الفرص طيلة دقائق المباراة.
في صلب الموضوع، يمكن التأكيد على أن استعداد الفرق كان مختلفاً جداً، ومتفاوتاً إلى حدٍ بعيد، والجهوزية لم تكن متشابهة، بعض الفرق بدأت الاستعداد مبكراً لخوض المنافسات، فيما تأخر البعض الآخـر لوقتٍ بعيد، حتى بدا غير قادر على المنافسة بالشكل المطلوب، وحقق نتائجاً إيجابية.
لعل هلال القدس، كان أفضل الفرق استعداداً، فبدأ التحضيرات مبكراً، على الصعيدين البدني والفني، وأقام معسكراً خارجياً، ومعسكراً داخلياً، وأبرم مجموعة من الصفقات القياسية في مختلف الخطوط بعد التتويج باللقب، وحافظ على أبرز عناصره، والهدف المحدد كان مواصلة حصد البطولات هذا الموسم.
ومع إن شباب الخليل لم تكن تحضيراته بالمستوى المطلوب، وامتزجت فترة التوقف ما قبل الدوري بعددٍ من المشاكل الإدارية والفنية، ولم تتم التعاقدات بالشكل المطلوب، إلا أن الأداء بدا مميزاً للغاية، والنتائج ممتازة، وصولاً إلى التواجد في قمة الترتيب العام لدوري المحترفين برصيد 12 نقطة.
من لم يستعد جيداً ذهب أدراج الرياح، وظهر بأنه لقمة سائغة للفرق المنافسة، وأتحدث هنا تحديداً عن شباب الخضر، فهو يمرّ بخسارة تلو الأخرى بالاعتماد شبه الكلي على العناصر الشابة، دون إحداث استقرار فني وإداري لهم، وبعيداً عن البعد عن الدعم النفسي المطلوب من الجماهير وأهالي البلدة.
يضاف إلى الخضر أيضاً، منافسه، شباب دورا، فالفريق ضم مجموعة لاعبين جيدين في مختلف الخطوط خلال سوق الانتقالات الصيفية، لكنه لم يحقق النتائج المطلوب، فاستطاع كسب مباراة واحدة أمام الخضر، فيما خسر أربع مباريات أخرى، واحتل المركز قبل الأخير على سلم الترتيب العام بثلاث نقاط.
ويحسد ثقافي طولكرم على أبنائه حقاً، فالفريق غادره لاعبي التعزيز كلّهم تقريباً، وانضموا إلى أندية أخرى منافسة، مع أنهم كانوا أبرز الوجوه في التشكيلة الموسم الماضي، ورغم ذلك يعد "العنابي" الفريق الوحيد الذي لم يخسر لغاية الآن، حقق انتصارين وثلاث تعادلات في الجولات الخمس التي خاضها.
عموماً، قد يكون الاستعداد سلبياً في بعض الأحيان، ففريق ما استعد لفترة طويلة، لكن بقيادة جهاز فني متواضع، يصعب عليه العمل في الأزمات، ولا يجيد التغيير إلى الاتجاه الإيجابي تحت الضغط، والعكس صحيح أيضاً، لذلك فإن النقاش في مسألة المستوى العام للدوري الفلسطيني لا بد منها.
ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، بأن الدوري الفلسطيني صُنف في المركز الـ 30 على مستوى قارة آسيا عام 2008 – 2009م، وصُنف في المركز الـ 29 على مستوى القارة الآسيوية موسم 2016-2017م، والواضح من هذه المقارنة بأن الدوري المحلي للمحترفين لم يتقدم آسيوياً بعد تسع سنوات بالشكل المطلوب !
- المدرّب عبد الفتاح عرار
المدير الفني الأسبق للمنتخب الوطني الأولمبي، عبد الفتاح عرار، اعتبر بأن الأندية الفلسطينية قاطبةً عانت ولا زالت، من عدم الاستقرار على مختلف الأصعدة، خاصةً بأن بعض الفرق تقوم بتغيير التشكيلة كاملةً من موسم إلى آخـر، وعدم وجود حوافز للأندية المشاركة باستثناء البطل، والمعضلات المالية، الأمـر الذي أدى إلى بطء تصاعد المستوى العام لجميع الفرق في دوري المحترفين، وبالتالي انعكاس ذلك سلبياً على ترتيب الدوري الفلسطيني على مستوى قارة آسيا.
وقال عرار، بأن المستوى العام للأندية الفلسطينية هذا الموسم متقارب إلى حدٍ بعيد، وهذه نقطة اختلاف عن المواسم الكروية الماضية، مما جعل المتابع يشاهد العديد من المباريات الممتعة، والتي اتسمت بالإثارة والندية، والفرص، والأداء المنظم، مع ملاحظة وجود مشكلات عالقة من مواسم ماضية، أبرزها : مشكلة ضعف التعامل مع الكرات الثابتة في الحالة الدفاعية.
وأضاف : "لا أبالغ إن قلت بأن 70% من الأهداف التي سُجلت في الجولات الخمس الماضية من دوري المحترفين، جاءت من كرات ثابتة لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب من الجانب الدفاعي، حتى باتت هذه الكرات أساساً في تسجيل الأهداف من مباراةٍ إلى أخرى، ويُعتمد عليها بشكل دائم من الجميع".
وأشار عرار إلى أن الناحية البدنية للفرق في دوري المحترفين هذا الموسم أفضل من المواسم السابقة، ومردُّ ذلك إلى إقامة كأس الشهيد أبو عمار قبل فترة قصيرة من الدوري، مما منح الجميع فرصة للاستعداد بشكل جيد، والعمل على حل المعضلات التي واجهت أي فريق خلال البطولة التنشطية السابقة.
وتابع : "المستوى العام للفرق سيرتفع هذا الموسم، لأن العديد من الأندية تعتمد على أبنائها، وكلٌّ منهم يريد إثبات نفسه، وجدارته بالتواجد في الميدان، والتقارب النقطي بين الفرق سيزيد من وتيرة المنافسة، ويمكن القول مبدئياً بأن الصاعدين الجدد مؤسسة البيرة وجبل المكبر ينافسان على مراكز متقدمة لا جسر عبور للبقية، وقد يهبط هذا الموسم من كان متواجداً في المحترفين السنوات السابقة".
ولفت عرار إلى أن دوري المحترفين هذا الموسم يشهد أسماءً جديدة لامعة، مثل : شهاب القنبر جبل المكبر، أحمد أبو خديجة مؤسسة البيرة، وغيرهما؛ منوهاً إلى أن وجود مجموعة من الأندية تنافس على اللقب حتى النهاية سيجعل بطولة الدوري قوية جداً، ويطورها تدريجياً، لاسيما بأن الدوري الفلسطيني منذ مواسم يكون ربعه الأخير لقاءات ودية لا أكثر.
- الإعلامي علي أبو كباش
ومن جانبه أوضح الإعلامي الرياضي، علي أبو كباش، بأن الأندية الفلسطينية تفتقد غالباً إلى كل مقومات الاحتراف، وتتزايد مشكلاتها الفنية والإدارية من موسم إلى آخـر، مما أسقطها في معضلة عدم الاستقرار، وبالتالي انكماش حالة التطور من موسم إلى آخـر، وعدم وضوح الرؤيا المستقبلية، والهدف الواضح الذي تسعى الأندية إلى تحقيقه.
وأكمل : "الاحتراف منظومة متكاملة، على مستوى الأفراد، والجماعات، على مستوى الفكر الرياضي العام، والمنطلقات، على مستوى الميزانيات العامة، والمدخلات الاقتصادية، بينما الأندية الفلسطينية يغيب عنها كل ما ذكر، وهذا أدى إلى تذبذب المستوى، وانخفاضه غالباً، وبالتالي غياب المتعة الكروية".
معادلة يتحدث عنها الرياضيون الفلسطينيون، وهي : بأن الاستقرار المالي أهم أسباب التفوق للأندية، فيما ظهر شباب الخليل هذا الموسم – لغاية الآن – شاذاً عن هذه القاعدة، فهو يعاني من مشكلات مالية كبرى، لكنه يتصدر الترتيب العام، والمثال ذاته، لكن بنقيض الحالة، ينطبق على هلال القدس – لغاية الآن أيضاً -.
وعلَّق أبو كباش على هذه المعادلة بالقول : "لكل قاعدة شواذ، ربما يكون هذا مرحلياً، أي لفترة معينة، ويثبت عكسه، وأحياناً فإن المشكلات المالية يعوّضها الانتماء، واللعب من أجل اسم الفريق، وإحداث تغيير بمنح من يستحق التواجد في التركيبة فرصة كاملة، باعتقادي، شباب الخليل الفريق الوحيد الذي يتطور مستواه هذا الموسم من مباراة إلى أخرى، وأرى بأنه الأفضل لغاية الآن".