"الإعلام الرياضي" ... ضعف في الطرح وتكرار مخل للتقارير وغياب تام للمساءلة
"رؤية شخصية"
"الإعلام الرياضي الفلسطيني" ... ضعف في الطرح وتكرار مخل للتقارير وغياب تام للمساءلة
المطلوب فلترة العاملين في الحقل وتفعيل رابطة الصحفيين الرياضيين وشروط المنتسبين إليها
كتب محمـد عوض
لو حكمت على الإعلام الرياضي كقارئ متابع، لقلت بأنه لا يجدي نفعاً على الإطلاق، ولا يقدم جديداً يمكنه لفت الانتباه بالصورة التي تجعلني مهتماً إلى حدٍ كبير، تبدو التقارير منذ سنوات تدور في فلكٍ واحد، لا تقدم إضافات حقيقية، ويتواصل العمل بنفس الأسلوب السردي منذ سنوات، حتى باتت مسألة مملة.
معظم المواد الصحفية التي نقرأها، وقد تكون هذه المادة من بين مواد كثيرة، تعاني من مشكلة الأخطاء الإملائية والنحوية، ويستخدم فيها نفس المصطلحات الركيكة، كل ما نقرأه يتحدث عن مباراة جرت، وأحداثها من الانطلاقة حتى النهاية، والعجيب جداً بأننا نقرأ تقرير لمباراة كنا قد شاهدناها، فيُكتب فيها ما لم نراه، وقد يكون العيب في نظرنا !!
لا أعلم بصراحة، وليسمح لي أساتذتي بقول ذلك، ما الفائدة من تجميع تقارير المباريات في تقرير واحد أسبوعياً ؟ ما الفائدة من إعادة تقديم المباريات بنفس أسلوب جدول البرنامج، مثلاً : تقام الساعة الخامسة على ملعب الحسين، الفريق "أ" يمتلك خمس نقاط، و الفريق "ب" يمتلك ثلاث نقاط، ما الجدوى من معلومات بسيطة موجودة في الجدول المعمم من اتحاد كرة القدم ؟!
إذا كان الإعلام الرياضي لا يستطيع من موسم رياضي إلى آخـر استحداث طرق تحديث للعمل كاملاً في مجال المهنة، فهو إعلام عاجز، جامد، لا يقوى على مجاراة أي حالة تطور، وبالتالي فإن أساسه يعاني من مشاكل عظمى، مما يستدعي إعادة النظر بكل مكوناته، ومحتوياته، ويستلزم تغييراً جذرياً على مختلف الأصعدة.
لم يكن هناك أي مبادرات لتحسين عمل الإعلام الرياضي من منطلق الحرص على هذه المهنة، بل كانت تصفية حسابات بين أشخاصٍ بعينهم، وغالباً هؤلاء الأشخاص لا يعرفون عن الإعلام الرياضي شيئاً على الإطلاق، بل عملوا في الحقل من أجل مكافأة شهرية تضاف لراتبهم الأساسية في مهنة أخرى يعملون فيها.
- تغيير المحتوى الروتيني
محتوى الإعلام الرياضي بشكل عام، المقروء، والمسموع، والمرئي؛ روتيني جداً، ولا يقدم جديداً من فترة إلى أخرى، تتعدد وسائل الإعلام والمحتوى يبقى كما هو جامداً، يبتعد غالباً عن هموم منظومة الرياضة الحقيقية، لا يمس جوهر وواقع الأندية، لا يلامس ما يعاني منه الإعلام الرياضي في حقيقة الأمـر.
الإعلام الرياضي يخلو من معظم الفنون الصحفية المميزة، كالقصة، أو التحقيق، المقال النقدي، أو تقارير الرؤى الشخصية، أو التقارير الاستشرافية ... إلخ، لأسباب عديدة من بينها : أن من يعملون في الحقل غير مؤهلين على الإطلاق لكتابة هذه الأنواع من الفنون، فهم غالباً لا يجيدونها، ولا يعرفونها إطلاقاً، وهذه بحد ذاته بحاجة لحديثٍ مطول.
- غياب الثواب والعقاب
عملت بجد واجتهاد أو لم تعمل، قدمت جديداً أو لم تقدم، كنت معطاءً أو لم تكن، كنت على حق أو لم تكن، لا يغيّر من معادلة الإعلام المحلي شيئاً، فلا يوجد ثواب للمبدع، ولا يوجد عقاب للنقيض، وهذا السبب جعل كل شخص ربما لا يعرف عن كرة القدم شيئاً بالأساس، أن يجلد الإعلام الرياضي، ويصبح عارفاً فيه، لأن الجميع بالنسبة له على سوية واحدة.
من يتواجد في الملعب كمن لا يتواجد، الأول والثاني لا ثواب ولا عقاب، وما يدعو للسخرية المبكية أن تجد تقريراً صحفياً لمباراةٍ منشور في خمس وسائل إعلام مكتوبة، وبخمس أسماء مختلفة، لكن في الحقيقة لم يشاهد المباراة إلى صحفي واحد، وجاء متأخراً ما لا يقل عن نصف ساعة عن الموعد المحدد للمباراة.
من بين الأشياء المدهشة، بأن أحد المهاجمين في فريق محترف قال لي : "ذُكر اسمي في لقاء سبع مرات، ثلاث مرات سددت بها من خارج الصندوق، وأربع مرات أضعت فرصاً خطرة، وفي حقيقة الأمـر، ويعلم من تابع وأنت أحدهم – يقصدني – بأنني لم أسدد أي كرة، وأهدرت فرصة واحدة، فما تعريف من يكتب لمفهوم فرصة؟".
- فلترة العاملين في الحقل
كنت ولا زلت أتساءل : لماذا يبدو حقل الإعلام سهلاً إلى هذا الحد ؟ يمكن العمل فيه لأي شخص كائن من كان، متعلم، غير متعلم، أستاذ مدرسة، طبيب، محاسب، مراسل في مؤسسة، عاطل عن العمل ... إلخ، والكل يمكن له الإفتاء في قضايا المهنة، الجميع مبدع، وتألق، نجم، صحفي متمرس، يمكن أن يكون محاضراً في المجال !!!
أنا لست مصوراً، لكنني درست وطبقت على مدار سنوات أصول وقواعد وقوانين هذا المجال، كم من صورة نشاهدها على التقارير الصحفية تستدعي الاهتمام ؟ لا أقلل من شأن المصورين، لكن بعضهم فقط، لا أبالغ، وأمتلك ما يقارب الـ 50 صورة نشرت هذا الموسم، تعاني من مشاكل بارزة : قطع أطراف اللاعبين، مشكلات "الهيد روم" وهي المسافة الواقعة بين أعلى رأس الجسم المراد تصويره والجزء العلوي من الإطار ... إلخ.
نحن بحاجة ماسة إلى فلترة العاملين في الحقل، خاصةً أولئك الذين يحاولون على الدوام لعب أدوار متقدمة في الإعلام الرياضي لمجرّد أنهم يظنون أنفسهم "عمالقة" في هذا المجال، وهو ليس مجالهم، وليس عملهم، وليس ضمن إطار تخصصهم، ومنهم من سنوات طويلة لم يكتب شيئاً واحداً، ولا زال يحتفظ لنفسه بلقب "صحفي رياضي".
- تفعيل رابطة الصحفيين الرياضيين
نحن بحاجة ماسة لرابطة صحفيين رياضيين قوية، لها أسس، وأنظمة، وقوانين، وشرائع، تكون ظهراً للصحفي الرياضي العامل في الحقل، تعطيه حقوق، ويلتزم تجاهها بواجبات، تضع أمامه لائحة متفاهم عليها، علمية وعملية. التوجه نحو انتخابات ليست عبثية ولمجرّد تسميتها باسم انتخابات، بل وضع إطار يحدد من يحق له أن يكون ضمن دائرتها.
إذا أراد أرباب العمل الصحفي المحافظة على أولئك الأشخاص الذين يهتمون بنشر مادة أسبوعية تلقاء الحصول على مكافأة مالية صغيرة، أو لوجود اسمهم في دائرة الأضواء، فليفعلوا، ولتكن الرابطة لمجموعة أشخاص تنطبق عليهم الشروط التي تنطبق على من يحق الانتساب له الانتساب لبقية نقابات هذا العمل، فهل يحق لي كحامل شهادات في الإعلام والعلوم السياسية أن أنتسب لنقابة المحامين ؟ أو المهندسين ؟ قطعاً لا، وليكن قطعاً عدم انضمام أي شخص ينتسب لنقابة أخرى كنقابة المعلمين أو غيرها أن ينتسب لرابطة أو نقابة أخرى.
رابطة الصحفيين الرياضيين يجب أن يكون لها كلمة في كل مجالات العمل الصحفي، فمن ينتسب إليها ليس مجرّد عامل في الحقل، بل يجب أن يكون ذلك مشروطاً، وتعمل هذه الرابطة على عقد مؤتمرات، وندوات، ودورات ... إلخ، يمنع الاستفادة منها إلا من تنطبق عليه شروط الانتساب لهذه الرابطة.