الاحتلال يستولي على 531 دونماً من أراضي جنين بأوامر عسكرية جديدة مؤسسات الأسرى: 9300 أسير ومعتقل في سجون الاحتلال "موسم إنفلونزا قاسٍ": الصحة الإسرائيلية توصي بارتداء الكمامات للفئات المعرّضة للخطر الاحتلال يسلّم 8 إخطارات بوقف العمل والبناء لمنازل مأهولة في بلدة بروقين غرب سلفيت شهيد في غارة للاحتلال على لبنان السعودية تدين مصادقة الاحتلال على بناء 19 مستوطنة في الضفة تحذير أممي من تراجع أولوية إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة الاحتلال يقرر هدم مزيدٍ من المنازل في مخيم نور شمس بطولكرم إيطاليا وإندونيسيا توافقان على إرسال قوات إلى غزة بشرط عدم الاحتكاك مع حماس "ترمب" يقرر حظر حملة جواز سفر السلطة الفلسطينية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية. "الكنيست" تصادق على إحالة مشروع قانون فصل الماء والكهرباء عن مكاتب "أونروا" للتصويت الطقس: أجواء باردة وماطرة في معظم المناطق الاحتلال يداهم الحي الشرقي في جنين ويحاصر منزلا ويحتجز عددا من المواطنين حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 30 مواطنا في الضفة الغربية مستوطنون يحرقون مركبات فلسطينية شمال شرق رام الله

ظاهرة "العزوف الجماهيري عن المدرّجات" متبوعةٌ بتساؤل هل انتهت غالبية الديربيات الفلسطينية ؟

كتب محمـد عوض

شكل الحضور الجماهيري في مباريات الدوري الفلسطيني، دوري المحترفين تحديداً، نقطةً لافتةً لكل المتابعين من أطياف العالم، وأجبر الإعلام العربي والدولي على المتابعة، وتسليط الأضواء، بأن هذا الشعب لا زال رغم نكبات السنين، ذواقاً، وتواقاً إلى كل ما يرّوح على النفس، ويسعى على الدوام إلى إظهار أحقيته في الحياة رغم بطش الاحتلال الإسرائيلي.

وشكلت جماهير الأندية الفلسطينية رافعة لفريق كرة القدم الأول، فمنحته دعماً معنوياً في كل حدبٍ وصوب، وقدمت كل ما يمكن على الصعيد المادي، بهدف الحفاظ على سيرورة تقدم المنظومة كاملةً، والحفاظ على نسق الصعود التدريجي نحو تطورٍ يصب في صالح كرة القدم الفلسطينية عامةً، وتعود بالنفع على شتى المنتخبات الوطنية.

وضُرب المثل بالعديد من جماهير الأندية المحلية، وتنافست فيما بينها على الأكثر حضوراً في المدرّجات، وحشد المشجعون اللافتات، وأظهروا بشكلٍ حضاري أساليب تشجيع تقليدية لأندية عالمية، ومبتكرة حديثاً، مما جذب الكثير من غير الرياضيين للمتابعة، بعدما أعجبوا بأي حال من الأحوال بمظاهر التسجيع من على المدرجات للفرق الفلسطينية.

لا يمكن على الإطلاق إغفال جانب هام، يستحق الإشارة إليه هنا، وهو بأن ما يقود فرد معين أو جماعة ما إلى حضور مباراة معينة، قد لا يكون فقط محبتهم للعبة كرة القدم، أو سعيهم للاستمتاع بمبارياتها، بل قد يكون أحد أنواع العصبية القبلية الضيقة أحياناً جداً، وقد يكون الدافع الوطني مثل الوقوف خلف المنتخب الوطني، أو أحد الأندية المحلية المنافسة في بطولةٍ خارجية.

في العموم، حققت مباريات عديدة فرق محلية في منافسات داخلية، أو فرق محلية في مشاركة في بطولة خارجية، أو المنتخبات الوطنية، مشاهدات كبيرة من على المدرجات، وحُشد لأجل ذلك كافة فئات وأطياف الوطن، من كلا النوعين : "ذكور وإناث"، ومن كافة الأعمار، مما أعطى اللقاءات نكهةً رائعةً، وزيّن المدرجات بالحضور البهي.
 

  • مشكلة العزوف الجماهيري
     

تراجع الحضور الجماهيري في المدرجات خلال المواسم الثلاثة الأخيرة، أو تحديداً الموسمين الأخيرين، وبدا ذلك واضحاً للعيان، مما جعل العديد من المباريات التي يُعتقد بأنها مشتعلة، شبه مُطفَأة، خالية من المتعة الجماهيرية، وما يعكسه الحضور من جمال وإثارة على اللقاء، مما جعلنا نرصد مشكلة حديثة، وجب وضع اليد عليها، ألا وهي "العزوف الجماهيري عن المدرجات في الدوري الفلسطيني".

ربما يقول البعض، بأن الدوري الفلسطيني من ناحية الحضور الجماهيري يبقى أفضل من الكثير من الدوريات العربية الكبرى حتى، كالدوري السعودي، والدوري القطري، وغيرها، إلا أن هذا بالأساس محكوم بعوامل عديدة، ونحن لا نقارن لمجرّد المقارنة، ولا نتحدث لمجرّد التشبه بغيرنا، إنما ما نحن فيه هو حضور كبير سابقاً تراجع حالياً، وهذا ما يستحق النقاش، والبحث، والتحرّي فيه وعنه، لا مجرّد إحداث مقارنات لإثبات الأفضلية خاصةً بأننا لا نتنافس معهم في هذا الجانب.

مشكلة العزوف الجماهيري طالت معظم الأندية الفلسطينية، وألقت بظلالها على المدرّجات، ولو أمكن معرفة من خلال نظام آلي، عدد التذاكر التي اشتراها جمهور فريق معين على مدار موسم من الملاعب كافةً التي لعب فيها، أو من ملعبه البيتي في موسم ما، مع الموسم الماضي – على سبيل المثال – لأدركنا حجم المشكلة التي نحن عليها الآن.

إن معضلة الحضور الجماهيري، بوجود قلة فقط في المدرجات، تنعكس سلباً على واقع كرة القدم الفلسطينية، وعلى خزائن الأندية التي لها نصيب مادي من التذاكر، وبالتالي على الوضع الاقتصادي العام لخزينة النادي، وصولاً إلى ما لمسناه مؤخراً من انعدام للمبادرات الجماهيرية والشبابية الهادفة إلى جمع الأموال للنادي لضمان استمرارية مناسبة.

أين ذهبت الحملات الجماهيرية الشبابية وغير الشبابية عبر وسائل الإعلام لجمع التبرعات ؟ وأين ذهبت ذات الحملات التي انطلق فيها الشباب إلى المحلات التجارية لنفس الغرض ؟ أين حملات بيع زي الفريق أو أحد منتجاته "كالرايات، أو القمصان .. إلخ، من أجل خزينة النادي ؟ أليس هذا من أشكال العزوف الجماهيري عن المدرّجات ؟
 

  • مصير الديربيات الفلسطينية
     

وجب أولاً تعريف الديربي، ومصدر المفردة تاريخياً : هو لقب أطلق في عام 1840م، على أي مباراة تجمع بين فريقين رياضيين من نفس المدينة، وجاء هذا المصطلح من رياضة الفروسية وبالتحديد من مدينة ديربي كاونتي الإنجليزية، التي كانت تشتهر في القرن الثامن عشر بسباق خيل بين اثنين من أثرياء المدينة أطلق على هذا السباق اسم ديربي.

ديربيات خليل الرحمن : ربما شباب الخليل هو الفريق الوحيد الذي حافظ على أكبر قاعدة جماهيرية، ساءات النتائج أو لم تسوء، لكن ديربيات خليل الرحمن تراجعت، فلم يعد لشباب الظاهرية جمهوراً كبيراً كما السابق، وانطبق الحال على شباب يطا أيضاً، وطال شباب دورا حتى على ملعبه البيتي، وتحسن أحياناً الحضور بالنسبة لأهلي الخليل، وتراجع أحياناً أخرى.

ديربيات العاصمة : في الموسم الماضي مثلاً، لم يبقى ديربي مقدسي في المحترفين لتواجد الهلال وحيداً عن المدينة، وحتى في المواسم السابقة، فلم يعد ديربي القدس بين سلوان وهلال القدس مثلاً بنفس الزخم، وكذلك في الديربيات التي تجمع المكبر كطرفٍ من طرفي اللعب، ربما يكون الحضور جيداً أحياناً لكنه ليس كالحضور المرجو في مباريات الديربي.

ديربيات مهد المسيح : كان لديربي بيت لحم، بين ترجي وادي النيص وشباب الخضر تحديداً حضوراً جماهيرياً كبيراً، ليس من قرية وادي النيص أو من بلدة الخضر فقط، بل من سائر أنحاء المدينة، وتجري المباراة بحضور الرياضيين من مختلف الأندية أيضاً بمختلف الدرجات، لأنها تعد المواجهة الأقوى بين فريقين من نفس المدينة، لكن الآن لم نعد نشاهد هذا الديربي، وحضور جماهير الخضر حالياً خلف فريقهم بنسق أعلى من الموسم الماضي، باعتقادي يعود إلى محبة أهالي البلدة في مشاهدة أقاربهم بعد الاعتماد هذا الموسم على أبناء النادي.

ديربيات جبل النار : لم يعد هناك ديربي في نابلس، لأنه بالأساس لم يوجد منافساً لمركز بلاطة، الفريق وحده في دوري المحترفين، ينافس على الدوام بشراسة، فيما لم يعد لفريق بحجم اتحاد نابلس حضوراً لافتاً، وينطبق الحال على مركز عسكر الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، اندثرت كلياً ديربيات هذه المحافظة.

ديربيات طولكرم : تحديداً المباراة التي تجمع ثقافي طولكرم، المنافس على لقب دوري المحترفين حالياً، ومن بات يقارع من أجل البقاء أحياناً في دوري الدرجة الأولى مركز طولكرم، بات الفرق شاسعاً أحياناً بين الفريقين، شاهدنا الديربي ذهاباً وإياباً الموسم الماضي، لكن "العنابي" بقي ونافس في المحترفين، فيما هبط "الزعيم"، وهذا الموسم لن نشاهد الديربي مرة أخرى.
 

  • أسباب مشكلة العزوف الجماهيري
     

مشكلة غياب الديربيات الفلسطينية، تتصل بمعضلة العزوف الجماهيري، إلى جانب ما يتعلق باختلاف الدرجات التي تلعب بها الأندية عما كانت عليه سابقاً، وهو أتحدث عنه بعمق أكثر هنا، هو الأسباب التي أدت إلى التراجع الملموس في الحضور الجماهيري بالمدرجات، وكما قلت في تقارير صحفية سابقاً، بأن هناك العديد من المشكلات بحاجة إلى أوراق بحثية، توضع على الطاولة بمهنية صرفة، ويتم التعامل معها بنفس الطريقة للوصول إلى حلول، ومن خلال رياضيين مختصين، أكاديمياً ونظرياً، لا من خلال من أسقطوا على أنفسهم وصف "رياضي" لمجرّد اتصالهم بهذا الجانب بشكل من الأشكال.

إن إشكالية العزوف الجماهيري، وحسب البحث واطلاع بعض الآراء، تعود إلى جملةٍ من الأسباب، الرئيسية والفرعية، يمكن إجمالها سوياً في النقاط التالية :

أولاً – غياب أبناء النادي عن التشكيلة الأساسية للفريق، مما يُسقط جانب العصبية في التشجيع، ويبعد أهالي البقعة الجغرافية التي يمثلها فريق ما عن تشجيعه، ويفاقم هذا السبب في حال تراجع النتائج التي تُحقق، مما يخلق حالة من عدم الرضا عن النادي قاطباً إدارةً، ولاعبين، وجهاز فني.

ثانياً – مشكلات البنية التحتية في الملاعب الفلسطينية، مما يجعل المشجع يعاني من حرّ الصيف، وبرد الشتاء، أقصد هنا عدم وجود مظلات في معظم الملاعب، يرتبط بهذه المعضلة أن البنية التحتية الموجودة حالياً، لا تساهم في إغراء المشجع، مع الإشارة إلى أن ما أنجز على هذا الصعيد كان مميزاً للغاية، وتم خلال فترة زمنية قصيرة، لكن ما يجعلها غير مغرية ما يراه المشجع على التلفاز، وإحداث مقارنات، في معظم جوانبها غير صحيحة.

ثالثاً – بث المباريات على التلفاز، فشكلت فضائية فلسطين الرياضية نقلة نوعية ببث العديد من المباريات أسبوعياً، وهذا التطور، انعكس على الحضور، فبدلاً من قطع مسافة طويلة، والجلوس في أجواء مشمسة أو باردة، يمكن للمتابع مشاهدتها من المنزل.

رابعاً – قلة النجوم المحليين، الأمـر الذي لا يجذب المشجع على الحضور، فبكل بساطة من يشاهد ؟ المستوى العام للاعبين المحليين، رغم تصاعده، وانعكاسه على المنتخبات الوطنية، إلا أنه لا زال متواضعاً، وشهدت الملاعب الفلسطينية في السابق أسماءً أكثر لمعاناً مما هي عليه الآن، وسجلت أسماء لاعبين عدة لا زالوا خالدين في الذاكرة الرياضية الفلسطينية.

خامساً – عدم تبني الأندية سياسات تحفيزية للجماهير، وسميت بعض الدوريات العربية التي تعاني من عزوفاً جماهيرياً بدوري "الكنتاكي" لأن المشجع كان يحصل على وجبة دجاج "كنتاكي" وتذكرة مجانية مقابل المتابعة، وغالباً لم يحضر، لكن ليس هذا المقصود هنا، لأنه يفوق الإمكانيات، بل سياسات تفجر المفاجآت للجماهير مثلاً، وإلزام الشركات الراعية بتقديم مستلزمات التشجيع للجماهير، لأن ذلك بالأساس يعد واجهة إعلانية للشركة.

سادساً – التطلع للمباريات الأوروبية، تحديداً ما يتعلق بفريقي "برشلونة وريال مدريد"، فالكثير من المرّات فضل رياضيين عدة مشاهدة مباراة في الدوري الإسباني على مباراة لفريقهم الأم، وهذا يعد جانباً فردياً مطلقاً يتعلق بالحرية في الاختيار، ونتطرق إليه هنا كسبب من أسباب العزوف الجماهيري عن مباريات كرة القدم المحلية.

سابعاً – عدم ثبات المستوى العام للفريق، بمعنى أن تشكيلة معينة استطاعت تحقيق اللقب في موسم ما، مما أكسبهم في ذلك الموسم زخماً كبيراً، فالنتائج إيجابية بالتالي فالحضور كذلك، لكن في حال تراجع النتائج يصبح الفريق أحياناً بدون حضور على الإطلاق، وهذه المشكلة عالمية حقاً، لكنها ليست بنفس النسق المحلي، فبعض الجماهير وقفت مع أنديتها في الضرّاء قبل السرّاء.

لا تعتبر هذه النقاط القليلة الأسباب كلها وراء ظاهرة العزوف الجماهيري، بل إن المشكلة بحاجة إلى استطلاع رأي حقيقي، يقوم على منهجٍ علمي صرف، تتبع به أسباب المعالجة الموضوعية وفقاً للقدرات.
 

  • هل نفكر في الحلول ؟
     

قبل أن نفكر في الحلول لهذه المشكلة، يجب علينا الاعتراف بوجودها بالكم الحقيقي الذي تتواجد عليه، وفقاً لمقاربات مع مواسم ماضية، وما يمكن أن تكون عليه المواسم القادمة، نحن بأمس الحاجة إلى من ينظر لكل ما نحن فيه على صعيد الرياضة المحلية بنظرة استراتيجية بحتة، لها أبعادها، وخطط المعالجة قريبة وبعيدة المدى، من يتحدث في هذه الجوانب يجب أن يكون مختصاً بعمق، لا متفرداً، ولا يدعي بأنه متمرساً لأنه دخل الملاعب عدة مرات.

وفي هذا السياق، يمكن إجمال بضع حلول لهذه المشكلة من خلال القراءات والاجتهاد الشخصي على النحو التالي :

أولاً - تشكيل روابط للجماهير، يقودها أشخاص أصحاب انتماء عالٍ، مهمتهم على الدوام حشد الناس لمتابعة المباريات، وتعريفهم بأهمية ذلك، وعائده على النادي، وعلى البقعة الجغرافية واسمها التي يمثلها الفريق، وحثهم على البذل والعطاء لما فيه من مصلحة عامة.

ثانياً – تحسين تواصل الأندية مع الجماهيري، من خلال صفحات رسمية للاعبين والإداريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومطالبتهم – الجمهور – من خلال هذا التواصل بالحضور، بتأسيس علاقات متينة بين اللاعبين والإداريين والجهاز الفني والجماهير، ومن خلال الرسائل النصية أيضاً.

ثالثاً – تأسيس متاجر متنقلة بأسعار معقولة تقوم على بيع مستلزمات رياضية بأقل قيمة مالية ممكنة، مما يجذب الناس للحضور من أجل المشاهدة والشراء، وهذا في نفس الوقت يدر أربحاً معقولة على الفريق من خلال شراء معدات الرياضة من ملابس وغيرها، ومن يقصد المتجر المتنقل يدخل إلى الملعب، وبالتالي يستفيد النادي من ريع التذاكر.

رابعاً – إطلاق حملات الدعوات في الشوارع من خلال اللاعبين أنفسهم، والهيئات الإدارية، والجهاز الفني، وتقديم الوعود للجماهير بالسعي إلى تمثيل الفريق أفضل تمثيل، وإشعار المشجع بأهميته، وثقته بهم.

خامساً – توفير جوائز نقدية أو عينية للمشجع المثالي، أو المشجعين المثاليين، أو تكريم معنوي بدرع تقديري أو شهادة من النادي، ونشرها عبر وسائل الإعلام من أجل حث المشجعين على الاستمرارية.

سادساً – تقديم تذاكر مجانية للمشجعين أو لفئات من المشجعين القادرين على الحشد خلفهم، وتوزيع أدوات التشجيع البسيطة.