بين النظرية والتطبيق...التمكين الإقتصادي والإجتماعي للمرأة الفلسطينية
نادين دويكات
نساء من مختلف الأعمار والخلفيات الإجتماعية يعملن كخليةِ النحل، يشبكن الليل بالنهار ما بين ادوارهن المهنية وواجباتهن الاجتماعية، ولا يسعنا ألّا أن نرفع لهن القبعات إحتراماً لتاريخٍ شاق وحاضر تغيب عنه السياسات والقوانين التي تحميهن ومستقبل غير آمن في ظل مجتمع ذكوري ما زال يميز بين الرجل والمرأة. ففي حين تشير الدراسات والاحصائيات أن هنالك فارق بين نسبة الاناث المتعلمات (ثانوية فأعلى) ونسبة الذكور بما يعادل 4% لصالح الاناث، فإن ذلك لا ينعكس على مشاركة المرأة في قطاع العمل المنظم حيث أشارت النتائج الصادرة عن جهاز الأحصاء المركزي ان الفارق هو 52.8% لصالح الذكور. وحسب الدراسات والأبحاث التي تُصدرها الكثير من المؤسسات النسوية أو مؤسسات العمل الأهلي فقد تبين أن هنالك إختلاف في النتائج حول التساؤل إذا ما كان هنالك علاقة طردية بين التمكين الاقتصادي للمرأة والتمكين الاجتماعي. "خدمات مساندة للنساء باهظة الثمن" حول ذلك، قالت أ. دراسات المرأة في جامعة بيرزيت نداء أبو عواد :"لا يوجد فصل بين الإقتصاد والواقع الإجتماعي بحيث أن التمكين الإقتصادي هو مقدمة ضرورية لتمكين المرأة إجتماعياً". وأضافت أبو عواد أن الأسباب التي تمنع المرأة من إنخراطها في سوق العمل هي بالغالب متعلقة بضعف الإقتصاد الفلسطيني الغير قادر على توفير فرص عمل،بجانب تبعيّته لهيمنة صهيونية إستعمارية،وأن العادات والتقاليد تلعب دوراً لكنها ليست المحدد الأساسي. وتحدثت أبو عواد عن إشكاليات أخرى وهي طبيعة التعليم التقليدي الذي تحصل عليه المرأة، ودور المرأة الإنجابي بجانب أن الخدمات التي تساعدها على الإنخراط باهظة الثمن ما يؤدي إلى تفضيل المرأة عدم العمل. "مساحة إجتماعية أكبر" قال رئيس دائرة علم الإجتماع في جامعة بيرزيت د.بدر الأعرج أن أهم عنصر يمكن أن يؤدي إلى تمكين المرأة إجتماعياً هو إستقلالها إقتصادياً كما طرح المفكر كارل ماركس. ومثال ذلك، إنخراط النساء في سوق العمل أثناء الحرب العالمية الثانية بسبب غياب الرجال مما دفعهن بعد الحرب مباشرةً للمطالبة في حق الإنتخاب والتصويت مما يؤكد على أن تمكينهن إقتصادياً دفعهن إلى النضال في سبيل الحقوق الإجتماعية. وأضاف الأعرج:" حتى في مجتمعاتنا التي لا تعطي المرأة حقها بالكامل، فأن النساء اللواتي يعملن وما زلن يُقمنَ مع أُسرهن يتمتعن بمساحة إجتماعية أكبر من هؤلاء اللواتي لا يعملن بسبب إنتاجهن. "الإستقلالية صارت حلم" ريم جبريل، تعمل في صالون تجميل لثمانِ سنوات، تعطي راتبها لوالدها وتأخذ جزء بسيط منه لتغطية مواصلاتها وبعض إحتياجاتها الشخصية. وتتمنى كريمة أن تتمكن من توفير مبلغ من راتبها كما يفعل إخوتها الذكور لبناء مستقبلها، وتقول أن إستقلاليتها هي عبارة عن حلم رغم أنها تود مساعدة أهلها لإعتمادهم عليها بجانب إخوتها. هذا هو أمل كريمة، مبلغ شهري بسيط توفره من راتبها. "التمكين الإقتصادي والإجتماعي خطان متوازيان" قالت سيدة أعمال تعمل في مجال السياحة والخدمات سهير فريتخ، توجهت للعمل الحر بعد سنوات قضتها بشغل مناصب مختلفة لخوض تحديات جديدة. وتؤكد فريتخ أن أهم عوامل النجاح في عملها بدأت من المبادرة الذاتية والدراسة والتحليل بالأضافة إلى وجود دائرة دعم من الأهل والأصدقاء. أما من حيث المعيقات الإجتماعية التي تواجهها، أشارت إلى أن النظرة للمرأة داخل المؤسسات هي نظرة دونية كونها يجب أن تكون الرقم الثاني بحيث لا تشكل خطراً على الأخرين الذين هم بالعادة من الرجال. ومن خلال تجربتها قالت أنها قوبلت بالإستخفاف وأنها لا تستطيع النجاح في العمل الذي إختارته. بعد أشهر من العمل، أثبتت أنها قادرة على النجاح لأن ما يلزم هو أدوات عمل تمتلكها المرأة كما يمتلكها الرجل، بل أن المرأة حسب ما أشارت إليه الدراسات هي الأقدر على المتابعة والإهتمام بالتفاصيل. وعند سؤالها عن تمكين المرأة، قالت أن النقاشات حول هذا الموضوع مختلفة. أحياناً المرأة قادرة على العمل 24 ساعة وفي نفس الوقت لا يتم التعامل معها كشريك داخل الأسرة. مطلوب منها أن تعمل وتشارك مالياً أما إجتماعياً فعليها أن تعود للدور الوظيفي المطلوب منها. وأشارت إلى خطأ إرتكبته الحركة النسوية قبل نشوء السلطة الوطنية حيث ناضلت للقضية الوطنية وتناست قضاياها الإجتماعية، وبرأيها أن التمكين الإجتماعي والإقتصادي يسيران بخطين متوازيين. في ظل غياب دورالجهات المختصة لدعم المرأة وتعدد المعيقات التي تحول دون مشاركتها إلّا أن هناك تجارب ريادية أثبتت صحة النظريات. دعمهن قضية إجتماعية تقع على عاتقنا جميعاً حتى وإن كان الدعم معنوياً.