من حكايات الصمود... المحتسب: "أنا باقٍ هنا"
وكالة الحرية الإخبارية/الخليل/ليث طميزي
"المستوطنون اعتدوا علي وعلى نجلي محمد عندما حاولنا منعهم من التمادي في تخريب المحل وتكسير بضائعه بقيادة المتطرف باروخ مارزل".. هذا ما قاله عبدالرؤوف المحتسب، ليعبر عن سرطنة الاحتلال للبلدة القديمة في الخليل، ومحاولة المستوطنين الاعتداء عليه وعلى أسرته ومحله التجاري مراراً وتكراراً.
ففي قلب البلدة القديمة بالخليل، وفي تحدٍ واضح وصريح، يجلس عبدالرؤوف المحتسب يومياً مع أفراد عائلته أمام محله التجاري، والذي يقع مقابل الحرم الإبراهيمي الشريف وسط مدينة الخليل، والذي يعد الصامد الوحيد في ذلك الشارع، الذي يمر منه المستوطنون وجنود الاحتلال بشكل روتيني.
وكان آخر الهجمات قبل نحو شهرين، حيث هاجم المستوطن المتطرف "باروخ مارزل" محل المحتسب، وقام برفقة المستوطنين المتواجدين معه بتكسير البضائع والممتلكات، واعتدوا عليه وعلى أبنائه بالضرب، وحين توجهوا لمركز شرطة الاحتلال تفاجأوا بأنهم متهمين بالاعتداء على "مارزل" وليس العكس، ما اضطرهم لدفع كفالة مالية للخروج من داخل المعتقل.
ويقع منزل المحتسب ومحله التجاري المتخصص ببيع الخزف والحرف اليدوية على خط النار، يتوسطا الحرم الإبراهيمي الشريف، وشارع الشهداء المغلق منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، ويحيط بهما العديد من الثكنات والنقاط العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى كونهما يقعان بالقرب من عدة بؤر استيطانية، كل هذا جعله في مرمى اعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه.
فيما قال المحتسب، إن سلطات الاحتلال ضغطت عليه وساومته مراراً، بهدف إجباره على ترك منزله ومحله التجاري، ليكملوا مخططاتهم بالاستيلاء على تلك المنطقة، فتراهم يفتشون ويضايقون أي زائر يأتي إلى محل عبدالرؤوف المحتسب.
وأضاف المحتسب، أنه يتعرض لعدة هجمات تفتيش واحتجاز، بعد أن حول الاحتلال محيط منزله إلى منطقة عسكرية استيطانية، وقيد الحركة فيها وإليها، ما جعله يتعرض للتوقيف عدة مرات كلما أراد الخروج من منزله أو العودة إليه، على غرار بقية الفلسطينيين الذين يمرون من عدة حواجز في البلدة القديمة بالخليل، والتي يزيد عددها على 10 حواجز.
وفي سبيل كسر عزيمة المحتسب، وتثبيط صموده، يتبادل جيش الاحتلال والمستوطنين الأدوار في الاعتداء على عائلة المحتسب، ففي وقت سابق اعتدى المستوطنون تحت حراسة جنود الاحتلال وفي وضح النهار، على أمل المحتسب، ابنة عبدالرؤوف، وأصابوها برضوض شديدة، بالإضافة إلى شقيقها محمد، الذي تعرض لعدة اعتداءات بالضرب من قبل المستوطنين، الذين صعّدوا من هجماتهم للضغط على العائلة بمغادرة المكان.
أما حفيده عمر، فيقول أنه لا يجد مساحة كافية لللعب، فيخرج ليلعب ويلهوا مع إخوته وأصدقائه في الشارع، ما يشكل خطراً عليهم وتهديداً من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال، الذين يعتدون عليهم ويضايقونهم كثيراً، فلا يجد هنا أو هناك متسعاً ليروح عن نفسه، ويقضي غالبية أوقاته مع جده في محله، ويساعده في عمله.
ويستضيف المحتسب يومياً عددا من السياح والنشطاء الأجانب، ويقدم لهم وجبات الغداء والمشروبات، ويطلعهم على الأوضاع في البلدة القديمة، وعلى اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال المتكررة، ما جعله صديقاً ووجهة معروفة للسياح الأجانب والنشطاء الدوليين.
المحتسب دائماً ما يشدد على بقائه في المنطقة، وعدم مغادرته، لدرجة أن قال إنه في حال استسلم لرغبات الاحتلال، فإنه لن يستطيع النظر مجدداً في عيون أطفاله وزوجته، لما سيحمله من عار وذل، قائلاً مجدداً إنه مهما اعتدى المستوطنون وجنود الاحتلال، فإنه لن يترك منزله، ولن يغادر محله التجاري، الذي يعيل أسرته.
ويمثل عبدالرؤوف المحتسب في ذلك، نموذجاً حياً من صمود أهالي البلدة القديمة في الخليل، والتي تعاني من تهميش إعلامي كبير، ما جعل المستوطنون وجنود الاحتلال يتمادون في الاعتداء عليه وأسرته، بعيداً عن أعين الناس.