40 ألف وظيفة للشباب الفسطيني ...... وما أهمية "ميناء غزة" ؟

وكالة الحرية الاخبارية -  مما لا شك فيه أن عالمنا لا يعترف إلا بالدولة القوية ... والتي لا تتمثل بقوتها العسكرية فحسب إنما تتضمن قوتها الاقتصادية كذلك وأحد أركان هذه المنظومة هو الميناء البحري الذي تأخر إعادة انشاؤه أكثر من 21 عاماً منذ أوسلو ، فالحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون أن ميناء غزة كان موجوداً حتى نكسة حزيران حين تم احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967 م من قبل الكيان الصهيوني.. حيث كان يتم من خلال ذلك الميناء تصدير الفواكه والخضروات والتوابل إلى جميع أنحاء العالم واستيراد ما نحتاجه بنفس الطريقة كذلك .. سؤال صغير بحجمه كبير بمضمونة .. ألا وهو ما هي الأهمية والجدوى السياسية والاقتصادية لإنشاء هذا المرفأ ؟ ولماذا الإصرار على هذا الحق ؟ بل لماذا يجب القتال من أجل هذا الحق ؟.. وهل هذا الحق مشروعاً لحل نهائي كما تقول ( إسرائيل ) أم أنه مشروعاً انتقالياً حان تنفيذه ؟ .

لقد بات معلوماً لدي الغالبية أن الكيان الصهيوني وافق ضمن اتفاقية أوسلو الموقعة في 13 من سبتمبر للعام 1993م على مشروعين هما المطار والميناء وبالتالي يعتبر ذلك الفعل مشروعاً انتقالياً وليس أمرا خاصاً بحلولاً نهائية سيادية ، فالأول وهو المطار أسس فعلياً يوم الثلاثاء الموافق 24/11/1998 م وظل قائما حتي العام 2001م ودمر الاحتلال مدرجة بالكامل في العام 2002 م ، أما المشروع الثاني فهو الميناء الذي أشير له ضمن الاتفاقيات مرتين إلا أن الشعب الفلسطيني لم يري نور هذا الاتفاق قط حتي ألان ، لقد نصت اتفاقية أوسلو صراحة و ضمن البند رقم 7 منها على إقامة ميناء بحري لغزة ، وتبع ذلك إصدار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مرسوماً رئاسياً يحمل الرقم 46 لعام 1999 والقاضي بإنشاء سلطة المؤاني البحرية الفلسطينية وذلك بهدف توفير نظام نقل للفلسطينيين ، وكذلك دعمت اتفاقية شرم الشيخ في العام 1999 م هذا الأمر حيث نصت وبشكل صريح على موافقة الكيان الصهيوني على أن يبدأ الجانب الفلسطيني بأعمال الإنشاء اعتباراً من 1/9/1999 وسيعامل هذا الميناء البحري بغزة مثله مثل المطار كمعبر دولي لكن الأمر لم يتم بسبب المماطلة الصهيوني ، كما أشير لميناء غزة مرة أخري ضمن اتفاقية المعابر الموقعة في 15 من نوفمبر من العام 2005 م من جديد حيث نصت احدي موادها على ذلك صراحة " يمكن البدء ببناء الميناء " وستؤكد الحكومة الصهيونية للمموليين مالياً للميناء وهما ( فرنسا وهولندا ) أنها لن تتدخل في عمل الميناء . لكن ظل ذلك الأمر مجرد حبراً على ورق .. حقيقة تكمن الأهمية النسبية والمطلقة من وجه نظري لإنشاء هذا المرفأ في عدة أمور أوجزها في النقاط والعناصر التالية :

1. يعتبر ميناء غزة البحري وسيلة للتبادل التجاري بصنفيه السلعي والخدماتي بين قطاع غزة والعالم الخارجي .

2. يعتبر ميناء غزة البحري وسيلة لتسهيل وتيسير تحركات الإفراد والمسافرون بين قطاع غزة من جهة والعالم الخارجي من جهة أخري مما يختصر الوقت والتكلفة بنوعيها المحاسبي والاقتصادي .

3. يعتبر ميناء غزة حلقة الوصل والربط بين قارتين هما إفريقيا ممثلة بمصر وبلاد الشام ممثلة بآسيا وبالمجمل كما كان قطاع غزة عبر التاريخ .

4. يعد ميناء غزة هو أقصر الطرق لعمليات النمو والتنمية الاقتصادية فهو إن تم سيعمل على سرعة إدخال المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وبشكل سريع .

5. الميناء في غزة هو الضمان الوحيد لعدم ممارسة الكيان الصهيوني وغيره لنوع من القرصنة والمتمثل ذلك في خطر المنع أو التأخير أو الإعاقة أو الإغلاق مما ينتج عنه خسائر مالية مهولة بشكل مباشر وغير مباشر .

6. ميناء غزة هو المرتع الخصب لإمكانية استغلال المورد الاقتصادي الذي ما زال خارج متناول أيادينا ألا وهو الغاز الطبيعي ففي بحرنا أكثر من 33 مليار وربما 33 تريليون متر مكعب من الغاز في حقلي مارينا غزة 1 و 2 والواقع على بعد حوالي 36 كيلو متر غرب غزة.

7. ميناء غزة البحري وحدة سيكون الحضن الدافئ لموردنا الضائع وكنزنا المفقود والمتمثل بكميات كافية من الثروة السمكية تسد حاجات القطاع والضفة الغربية وتسمح لنا بالتصدير والتصنيع .

8. ميناء غزة سيعمل على تخفيض معدلات البطالة المستوحشة في قطاع غزة لأكثر من الثلث للتساوي مع الضفة الغربية من 45% ألان إلى 25% حيث ستعمل الميناء على إضافة حوالي 40000 وظيفة جديدة للمنظومة الاقتصادية بشكل مباشر وغير مباشر .

9. ميناء غزة البحري سيعمل على تحسين المستوي الاقتصادي للدخل الفرد الفلسطيني والمقدر ألان بحوالي 600 دولار أمريكي سنوياً وبالتالي تحسين إجمالي الناتج المحلي بالمجمل .

10. ميناء غزة البحري سيعمل على إيجاد نظام ضريبي وجمركي مستقل وتحديداً بما يتعلق بضريبة المشتريات أو ما يعرف مجازاً بضريبة القيمة المضافة التي يفرضها الكيان الصهيوني وبنسب متساوية على تجارنا في ميناء اسدود مما سيعمل ذلك إن تم على خفض كلفة المشتريات للتاجر الفلسطيني وبالتالي انخفاض السعر للمستهلك النهائي وسيوجد ذلك قاعدة لاستقلال نقدي ومقدمة لإمكانية صك نقد وعملة مستقلة فيما بعد.

11. ميناء غزة البحري سيوفر للدولة الفلسطينية القادمة وقطاع غزة تحديداً بعداً استراتيجياً وسيعمل على تحقيق وفرات اقتصادية داخلية وخارجية ، كان ميناء اسدود في الماضي يستنزف الكثير من عناصر منظومتنا الاقتصادية من خلال ربط الاستيراد فقط بميناء اسدود وما نتج عنه ذلك من ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج سواء في الضفة الغربية أو القطاع .

12. ميناء غزة ليس ضرورياً فقط لقطاع غزة فحسب بل هو أكثر إلحاحا للمحافظات الشمالية التي تعتمد في أنشطتها التجارية وحركة الاستيراد على المؤاني الصهيونية وكذلك التصديرية وما يعنيه ذلك من قيود وإجراءات أمنية وتكاليف وضرائب وبنود أخري .

وفي الختام أقول إن ميناء غزة البحري إن تم سيوفر للفلسطينيين قدراً من خدمات التجارة و السوق والتسوق والرفاهية ونقلا للإفراد والمسافرون وسيعمل حتماً على بناء الاقتصاد وتنميته وسيعطي الناس والتجار لان يكونوا لاعبون رئيسيون في تنميته وتعدد خياراته وليسوا لاعبون احتياطيون يبقوا معتاشون على الإنتاج والإنتاجية فقط ، ... فكم من الوقت نحتاج لنجعل أمر ذلك الميناء البحري واقعاً اقتصادياً وسياسياً بل وتنموياً ...... أم أن الذكري ستعيد نفسها بين جلاد وضحية ... أتمني أن يكون وراء ذلك قول وفعل!.... وألا تظل ( إسرائيل ) تبيع الوهم لنا ... فهل من مستجيب!.؟ .

المصدر دنيا الوطن

 أمين أبو عيشة: أستاذ الاقتصاد والكاتب والمحلل المالي