الأمير تركي الفيصل يتهم أوباما بـ"الغدر" بسبب عدم ضرب سوريا واحتضان إيران
وكالة الحرية الاخبارية - بلغت حدة التوتر بين واشنطن والرياض ذروتها امس الثلاثاء بشن الأمير تركي الفيصل في كلمته أمام المؤتمر الثاني والعشرين لمنظمة "مجلس العلاقات الأميركية العربية" هجوما غير مسبوق على أداء الإدارة الأميركية حيال ملفات المنطقة، قائلا إن الرئيس باراك أوباما يتصرف حيال سوريا بطريقة "تبعث على الأسى" متهماً الرئيس الأميركي أوباما "بالتخلي عن تعهداته ومسؤولياته" معتبراً أن اتفاق نزع السلاح الكيميائي السوري شكل مخرجاً له (أوباما) من تعهداته بتنفيذ ضربة عسكرية كان لها أن تغير موازين القوى على الأرض لصالح قوى المعارضة السورية المسلحة.
كما انتقد الأمير السعودي الذي شغل منصب سفير بلاده في واشنطن بين عامي 2005-2007، ورئيس "المخابرات السعودية العامة" بين عامي 1979 و 2001، إدارة أوباما بسبب ما وصفه بـ"فتح الذراعين لطهران واحتضان إيران"، معتبراً أن "قضية المملكة العربية السعودية الأولى هي ضمان عدم امتلاك إيران للقنبلة النووية" واصفاً ذلك بالخطر الأكبر على المملكة والمنطقة.
واتهم الفيصل في مداخلته المطولة إيران "بانتهاج نهجٍ صدامي مع المجتمع الدولي منذ وصول النظام الحالي إلى السلطة (عام 1979) وتطرح نفسها على أنها ليست القائدة للأقلية الشيعية في العالم الإسلامي فحسب، وإنما لكل الثوريين الإسلاميين المهتمين بمواجهة الغرب في العالم في الوقت الذي تقوم فيه السعودية برعاية الحرمين الشريفين، وهو ما يؤهلها لقيادة العالم الإسلامي".
كما انتقد الفيصل خلال كلمته التي اتسمت بالتنقل الاعتباطي بين مواضيعها المختلفة واشنطن بسبب "عدم تأييدها" التدخل السعودي العسكري في عملية "درع الجزيرة" في البحرين في شهر آذار (مارس)2011 عندما أرسلت المملكة آلاف القوات السعودية لمساندة القوات البحرينية في "قمع الاحتجاجات الشعبية البحرينية قمعاً قاسياً ضد الأغلبية الشيعية في البلاد ، وإطفاء نار 'الربيع العربي' في البحرين" بحسب تقرير آمنستي إنترناشنال (منظمة العفو الدولية).
وطالب الأمير تركي الفيصل واشنطن بالعمل والتنسيق من أجل "تحرير إيران من براثن المتشددين في الدائرة المحيطة بالمرشد علي خامنئي والحرس الثوري لأن ذلك سيجلب الاستقرار إلى المنطقة" متكهناً بان الزمن سيثبت "أن الكلمات المنمقة لروحاني سوف تتحطم على صخرة تصلب خامنئي، كما حصل مع الرئيسين السابقين، محمد خاتمي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني بالنظر الى أن قوى الظلام في قم وطهران متجذرة بقوة".
وفي كلمات تعكس صدى المحافظين الجدد والصقور المقربين من إسرائيل في واشنطن، حذر تركي الفيصل من أن العقوبات وحدها "لن تردع القيادة الإيرانية عن محاولة امتلاك أسلحة نووية"، مؤكداً أنه يدرك العواقب الكارثية لضربة عسكرية ضد طهران و"لكن - لسوء الحظ - فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الذي يراقب الأداء الباعث على الأسى للرئيس أوباما في سوريا قد ينفذ الضربة بمفرده، وقد ترحب القيادة الإيرانية بضربة مماثلة بل قد تدفع نحوها" محتجاً أنه "بعد الكلام المسعول لروحاني وفتح أوباما ذراعيه له سيقف الشعب الإيراني بالتأكيد خلف قيادته".
وحذر الأمير السعودي الذي أذهل الحضور واثار التساؤلات بصلافة كلماته في خطابه الذي أبقى على الحضور مشدودين من أن"الأمر الثاني الذي يعني السعودية، هو جهود طهران من أجل التدخل في الدول ذات الغالبية الشيعية، مثل البحرين والعراق، وفي الدول التي فيها أقليات شيعية، مثل الكويت ولبنان واليمن" مؤكداً أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي بل "ستقف بحزم ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية لتلك الدول".
يشار إلى أن خطاب الأمير تركي الفيصل صادف تسليم "وكالة الاستخبارات الوطنية NSA" تقريراً للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يشعر بالإحباط بسبب ارتفاع درجة "العنف السني في العراق، وإعادة تمكين تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" يوجه أصابع الاتهام لأثرياء سعوديين مدعومين من الحكومة بتمويل وتسليح القوى المسلحة التي تعمل من ضمن تلك التنظيمات.
إلا أنه كان واضحاً خلال خطاب الأمير تركي أن السبب الرئيسي وراء غضبه وانتقاداته اللاذعة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يكمن في تراجع الولايات المتحدة عن "توجيه الضربات العسكرية الكفيلة بالإطاحة بنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد" مؤكداً أنه "لا بد من انتزاع السلطة من يد نظام الأسد وآلته القمعية، إلا إذا كان المجتمع الدولي يرغب في استمرار المجازر، وأن هذه الطريقة المعيبة التي يوافق عبرها العالم على منح الحصانة للجزار هي وصمة عار على جبينه (العالم). إن عار مساعدة الأسد سيلاحق روسيا والصين، أما القيادة الإيرانية فيجب أن تقدم للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية بسبب الفظائع في سوريا".
ووصف تركي الفيصل عملية تحييد الأسلحة الكيميائية السورية بـ "المسرحية المضحكة"، مضيفاً "ان مسرحية وضع ترسانة السلاح الكيميائي السوري تحت الإشراف الدولي كانت ستعتبر مضحكة للغاية إن لم تكن مثيرة للسخرية بشكل واضح ومصنوعة بطريقة لا تمنح السيد أوباما فرص التراجع عن العمل العسكري فحسب بل تساعد الأسد على ذبح شعبه، إذا ظننتم أن كلمات (وزير الخارجية) جون كيري، التي سمحت لروسيا بالتحرك، كانت زلة لسان فأنتم لا تعرفون شيئا."
وطالب تركي الفيصل إدارة الرئيس أوباما بـ"منع الأسد من استخدام آلة القتل بما في ذلك ضرب سلاحه الجوي ومراكز السيطرة العسكرية، كون هذه هي الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتوصل إلى اتفاق سلمي عبر التفاوض" منهياً كلمته بالتعبير عن الأسى الذي يشعر به مخاطباً القيادة الأميركية قائلاً "لماذا تراجعتم عن وعد دعم المعارضة السورية بالسلاح بعد الوعود التي قطعها علنا كيري وأوباما؟ لماذا تدلون بهذه التصريحات التي لا تجلب إلا السرور للمجرمين؟".