محكمة العدل الدولية تستعد لإصدار قرار حاسم بشأن عرقلة "إسرائيل" لعمل الأمم المتحدة في فلسطين
في محطة قانونية دولية جديدة ومفصلية، تتجه أنظار العالم إلى مدينة لاهاي، حيث من المقرر أن تصدر محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، رأيها الاستشاري الحاسم في 22 من تشرين الأول/أكتوبر الحالي.
وسيتناول هذا الرأي التزامات كيان الاحتلال الإسرائيلي القانونية فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويأتي هذا القرار المرتقب في وقت يشهد فيه عمل المنظمات الأممية والإنسانية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، استهدافاً ممنهجاً وعرقلة غير مسبوقة، مما يمنح هذا الرأي الاستشاري أهمية سياسية وقانونية استثنائية.
تحرك المحكمة جاء بناءً على طلب مباشر من الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اعتمدت في نهاية العام الماضي قراراً تاريخياً يطلب فتوى (رأياً استشارياً) من محكمة العدل الدولية.
وقد حظي القرار بتأييد ساحق من المجتمع الدولي، حيث صوتت 137 دولة لصالحه، مقابل معارضة 12 دولة فقط، وامتناع 22 دولة عن التصويت.
ويعكس هذا التصويت الواسع حجم الإجماع الدولي على ضرورة مساءلة كيان الاحتلال عن ممارساته، ورفض سياساته التي تهدف إلى تقويض عمل المنظمات الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يهدف الرأي الاستشاري إلى تحديد الطبيعة القانونية لالتزامات كيان الاحتلال، كقوة احتلال، تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة (مثل الأونروا، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية)، بالإضافة إلى المنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة التي تقدم المساعدات للشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية غير ملزمة قانونياً بشكل مباشر، إلا أنها تحمل وزناً قانونياً وأدبياً كبيراً، وتؤسس لتفسير ملزم للقانون الدولي.
ومن المتوقع أن يوفر هذا الرأي أداة قانونية قوية للدول والمنظمات للمطالبة بإنهاء الحصار والقيود التي يفرضها الاحتلال على عملها، مثل منع دخول المساعدات، واستهداف مقراتها وموظفيها، وفرض قيود على حركة العاملين في المجال الإنساني.
لا يأتي هذا القرار في فراغ، بل يبني على رأي استشاري تاريخي آخر كانت المحكمة قد أصدرته في وقت سابق، والذي قضى بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو احتلال غير قانوني، وطالب بضرورة إنهائه خلال عام واحد.
ويعتبر هذا الرأي الجديد خطوة إضافية ومكملة، فبعد أن قررت المحكمة عدم قانونية الاحتلال نفسه، فإنها الآن بصدد تحديد التبعات القانونية لممارسات هذا الاحتلال غير القانوني، وتحديداً عرقلته لعمل المنظمات التي تمثل الإرادة الدولية.
ومع اقتراب موعد صدور القرار، يزداد الترقب لما قد يحمله من تداعيات سياسية ودبلوماسية، قد تزيد من عزلة كيان الاحتلال وتضع ضغطاً إضافياً على الدول الداعمة له لمراجعة سياساتها.