من يعوض لاعبي غزة عن خساراتهم وكيف يمكن تبرير غيابهم عن أولمبياد باريس؟
الحرية- تقرير دينا سلامين- تشير الإحصائيات الأخيرة للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، إلى ارتقاء أكثر من 523 شهيدا من أبناء الحركة الرياضية والكشفية، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ولا سيما قطاع غزة.
عداد الموت لم يتوقف، رحل لاعب كرة القدم، تبعه لاعب كرة السلة، فلاعب الكاراتيه، ولاعب كرة الطائرة، والعدّاء. ليس ذلك فحسب، فقد رحل معهم أيضا المدرب والحكم، والمشجع، والمصور والصحفي، ودُمرت المنشآت الرياضية.
لم يعد هناك شيء على حاله، كل مَن رحل لديه قصة لم يروِها صاحبها، وحلم لم يبدأ بعد. على أرض فلسطين، أحلامٌ تراها إما استطاعت أن تشق طريقها وتنطلق في فضاء العالم لتصبح واقعاً، تحمل في قلبها رسالة واحدة فقط، وترفع علم هذا البلد عالياً، وأخرى دُفنت بين الركام.
غزة، هذه البقعة الجغرافية الصغيرة، التي تبلغ مساحتها 365 كيلو متراً مربعاً، يخرج منها رياضيون محترفون، ينافسون في المحافل الدولية، وينتزعون الميداليات الملونة من منافسيهم. يعتلون المنصات ويتوجون بألقاب ومراكز مختلفة.
إلا أنه وفي هذا العام، غاب تماماً لاعبو غزة عن عالم الرياضة، لا سيما في المشاركات الدولية. فمَن لم يُستشهد، أو يُصَب، كان ضحية بشكل أو بآخر لهذه الحرب.
من بين مئات القصص التي لم تروَ بعد، وما زالت عالقة بين أسوار مدينة الركام، قصة محمد حمادة، لاعب منتخب فلسطين لرفع الأثقال من قطاع غزة، الحائز على الميدالية الذهبية في بطولة غرب آسيا عام 2020، وذهبية بطولة العالم للناشئين عام 2022 عن فئة 102 كيلوغراما، وصاحب الـ3 ميداليات ذهبية في البطولة العربية لرفع الأثقال.
اسمه كان مدرجاً في قائمة الأسماء المؤهلة لخوض منافسات أولمبياد باريس 2024، وهو أول لاعب رفع أثقال فلسطيني يشارك في أولمبياد طوكيو عام 2021.
كان طموحه تحسين أرقامه الشخصية واكتساب الخبرة، والاستعداد من أجل إحراز ميدالية ملونة في أولمبياد باريس. فعمل خلال الفترة ما بين 2021 حتى 2023، على التمرين استعدادا للمشاركة في الأولمبياد.
إلا أن طريق حمادة انعطف بعد خسارته 20 كيلوغراماً من وزنه بسبب سياسة التجويع التي عانى منها أهل قطاع غزة، والتي حرمته من انتزاع بطاقة التأهل، فأصبح همه البقاء على قيد الحياة.
خسارة الوزن سببت له إصابة في مفصل القدم، أثّرت على مشاركته في بطولة العالم الأخيرة، ولعب في فئة أقل من فئته بدرجتين. وكانت السبب أيضا في عدم إحرازه أي رقم يؤهله لأولمبياد باريس، كما خسر مشاركته في بطولة آسيا.
بعدها، بدأ حمادة في محاولاته للخروج من القطاع بتشجيع من أهله وأصدقائه كي يعود إلى تدريباته، ويستعيد وزنه، ويستمر في مشواره استعداداً لانتزاع بطاقة التأهل لأولمبياد باريس. فخرج حمادة من شمال غزة إلى جنوبها، تحت تهديد قصف الآليات الإسرائيلية، وخطر الموت في أي لحظة، حتى وصل الحاجز الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه واستطاع العبور بأعجوبة حسب ما رواه في مقابلة تلفزيونية على قناة "بي بي سي"، لينطلق بعدها إلى خارج القطاع لاستكمال رحلته في رفع الأثقال.
حمادة يعمل الآن على استعادة وزنه وقوته البدنية، من أجل استعادة مستواه في اللعب، والعودة لخوض منافسات جديدة. كما يستعد للمشاركة في بطولة الكبار في ديسمبر/ كانون الأول.
يطمح الرباع الفلسطيني للتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية المقبلة عام 2028 في لوس أنجليس الأمريكية، والفوز بإحدى الميداليات الثلاث الملونة، وأن تكون فلسطين حاضرة كمنافس في البطولات القادمة.
هناك الكثير من لاعبي الرياضات المختلفة مثل حمادة في قطاع غزة، منهم من استطاع الخروج ومنهم من بقي عالقاً، ومنهم من استشهد أو أصيب.
القائمة تطول بأسمائهم. اللاعب ماجد أبو المراحيل، العداء الذي أنهى سباق 10.000 متر في دورة الألعاب الأولمبية في أتلانتا 1996 توفي هذا العام بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الأدوية وانهيار القطاع الطبي خلال الحرب، ما أدى إلى وفاته بالفشل الكلوي، في مخيم النصيرات بغزة.
كذلك، صاحبة الحزام الأسود نغم أبو سمرة، التي استشهدت بعد بتر قدمها إثر غارة جوية استهدفت منزلها في مخيم النصيرات. نغم كانت قد شاركت لأول مرة في أولمبياد طوكيو.
السؤال هنا، هل هناك من يعوض الرياضيين في غزة عن خسارة مشوارهم بسبب الظروف الحالية في القطاع؟ وهل هناك من يحمي اللاعب الفلسطيني في ظروف الحرب؟