تقرير أممي: عدوان غزة محا تنمية 7 عقود.. و18.5 مليار دولار لتعويضها
علنت الأمم المتحدة أنّ العُدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل على غزة محا ما يقارب سبعة عقود من التنمية في القطاع، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية وتنموية قد تمتد آثارها لأجيال قادمة.
دمار يفوق التصورات
كشف التقييم المشترك الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) أنّ حجم الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية يتجاوز كل التصورات، إذ طال الدمار والتخريب الممنهج ما يقارب 60% من المباني في غزة، بما يعادل أكثر من 151 ألف منشأة، في حين تعرضت 57% من الأراضي الزراعية للتجريف والتدمير، مما يهدد الأمن الغذائي للسكان لسنوات قادمة، بحسب ما نقلت شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية.
وفي تقدير صادم للخسائر المادية، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنّ تكلفة إصلاح الأضرار المباشرة التي ألحقها جيش الاحتلال بالبنية التحتية في غزة ستتجاوز 18.5 مليار دولار.
الإبادة السكنية
وأشار التقرير إلى أن هذا الرقم قد يرتفع مع استمرار العمليات العسكرية وتوسع نطاق الدمار، فيما وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الدمار المنهجي للمساكن بمصطلح "الإبادة السكنية"، مؤكدًا أن هذا التدمير الممنهج جعل القطاع "غير صالح للسكن البشري".
وفي واحدة من أكبر عمليات التهجير القسري في التاريخ الحديث، وثق التقرير نزوح ما يقارب 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وأشارت التقديرات الأممية إلى أن أكثر من 743 ألف فلسطيني سيظلون مشردين حتى بعد توقف العدوان، نتيجة تدمير منازلهم بشكل كامل.
من جانبها، أكدت شبكة "إيه بي سي نيوز" أنّ العديد من العائلات اضطُرت للنزوح مرات متعددة، هربًا من القصف المتواصل والعمليات العسكرية العنيفة التي يشنّها جيش الاحتلال على مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين.
تدمير ممنهج
وكشف التقرير الأممي عن حجم الدمار الكارثي الذي لحق بالمرافق الحيوية في غزة، حيث تعرضت شبكات المياه ومرافق الصرف الصحي لدمار هائل يصل إلى 67% من إجمالي البنية التحتية، ما يهدد بكارثة صحية غير مسبوقة.
كما تعرضت المؤسسات التعليمية لضربة قاصمة، حيث طال الدمار أكثر من 92.9% من المدارس، ليحرم مئات الآلاف من الطلاب من حقهم الأساسي في التعليم.
ووثقت منظمة الصحة العالمية ما يقرب من 500 هجوم على المنشآت الصحية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي في القطاع.
وامتد الدمار ليشمل شبكات الكهرباء والاتصالات بشكل شبه كامل، ما يعوق بشدة عمليات الإغاثة والإنقاذ الضرورية لإنقاذ حياة المدنيين المحاصرين.
خطة التعافي
وقدم التقرير الأممي رؤية شاملة لخطة التعافي المطلوبة، إذ أكد ضرورة وقف فوري وشامل للعمليات العسكرية كشرط أساسي لحماية المدنيين وبدء عملية إعادة الإعمار.
وشدد على أهمية تطوير خطة تعافٍ مبكر تتكامل مع المساعدات الإنسانية العاجلة، مع ضرورة تأسيس آلية دولية فعّالة لضمان إعادة إعمار مستدام للقطاع.
كما أشار إلى أهمية توفير ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات للمحتاجين، وضرورة تعبئة موارد المجتمع الدولي لدعم جهود إعادة الإعمار، مع تأكيد أهمية محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
واختتم التقرير بتحليل عميق للتداعيات المستقبلية، إذ أكد أنّ آثار هذا العدوان ستمتد لعقود قادمة، وسيكون التحدي الأكبر في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وفق معايير مستدامة، مع ضرورة معالجة الآثار النفسية والاجتماعية العميقة للحرب على السكان.
وأكد أهمية استعادة النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الفلسطيني، مع ضرورة وضع ضمانات دولية لمنع تكرار هذه المأساة الإنسانية في المستقبل.