نظراً للحاجة الملحة لنهج قائم على العلم بنغلاديش تتخذ تدابير قائمة على الأدلة لمكافحة أزمة الأمراض غير المعدية

تشهد بنغلاديش التي تعتبر من الدول ذات الكثافة السكانية العالية، ارتفاعاً متواصلاً في نسبة المدخنين، توازيه زيادة في عوامل الخطر المرتبطة بالتدخين، بالنظر للتحديات الصحية والأمراض غير المعدية التي يتسبب بها، لا سيما مرض السرطان، الذي يقف وراء نسبة كبيرة من معدلات الوفيات المفزعة.

هذا الواقع، وبحسب اختصاصي الأمراض الصدرية، واستشاري طب الجهاز التنفسي في مستشفى إيفركير في مدينة شيتاغونغ، التي تعد ثاني أكبر مدينة في بنغلاديش، الطبيب والجراح فازليي كيبيرا تشاودوري، إنما يتطلب نهجاً شاملاً وقائماً على العلم لمكافحة التبغ والسيطرة على الأضرار الصحية والوفيات الناتجة عن التدخين.

ويتحدث الطبيب والجراح تشاودوري قائلاً: "بصفتنا قادة في السياسة الصحية، يجب أن ندعو إلى اتباع نهج قائم على العلم لا اتباع سياسة تقليدية بالية. إن التحالف العالمي لإنهاء استهلاك السجائر القابلة للاحتراق بحلول عام 2035 هو هدف قابل للتحقيق، شريطة أن يظهر صانعو السياسات الشجاعة لتبني حلول مبتكرة، في الوقت الذي يظل فيه الإقلاع الفوري عن التدخين للمدخنين وعدم الانخراط بالتدخين من الأساس لغير المدخنين هو الخيار الأفضل على الإطلاق."

 

معطيات قاتمة

تشير الإحصاءات إلى مجموعة من الحقائق القاتمة وغير المبشّرة؛ إذ يموت نحو 126 ألف شخص سنوياً بسبب الأمراض المرتبطة بالتبغ في بنغلاديش، وهو ما يمثل ما نسبته 13.5% من إجمالي الوفيات في البلاد. ليس هذا فحسب، بل أن العبء الاقتصادي ينذر بنفس القدر من الخطر؛ حيث أن تكاليف الرعاية الصحية المتعلقة بالأمراض المرتبطة بالتبغ تبلغ نحو 30,570 تاكا بنغلاديشية سنوياً، التي تعتبر العملة الرسمية في بنغلاديش، وهو ما يمثل بدوره ما نسبته 1.4% من إجمالي الناتج المحلي.

كما يعاني أكثر من 7 ملايين بالغ في بنغلاديش من الأمراض المرتبطة بالتبغ، فيما يعاني 61 ألف طفل من تبعات التدخين السلبي، وفقاً لنتائج البحث الذي أجرته جمعية السرطان في بنغلاديش في العام 2019، والتي كان يجدر بها أن تكون بمثابة دعوة صريحة لجميع الأطراف المعنية للتحرك لمعالجة هذا الوضع، خاصة في ظل ازدياد استهلاك التبغ بشكل كبير، والذي يرفع معدلات الإصابة بالأمراض غير المعدية، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية السرطان.

وعند دراسة الحال، فإن المتمعن فيه، يدرك أهمية وضع استراتيجية دقيقة تتجاوز الاستراتيجية التقليدية للتصدي لتبعات تعقيدات الإدمان الذي قد يسببه استهلاك التبغ.

 

نجاعة إستراتيجية "الحد من المخاطر"

بالنظر إلى تجربة العديد من الدول التي اعتمدت استراتيجية "الحد من المخاطر" كالسويد، واستخدام منتجات التبغ البديلة، يمكن ملاحظة تراجع قياسي في أعداد المدخنين، بفضل قدرة المدخنين البالغين فيها على الوصول لبدائل قد تكون أقل ضرراً من

السجائر التقليدية. أما النرويج، والمملكة المتحدة، ونيوزيلندا، واليابان، فقد شهدت كل دولة منها انخفاضاً غير مسبوق في معدلات التدخين اليومية؛ حيث توافرت بدائل أكثر أماناً من التبغ والسجائر التقليدية فيها.

ومن خلال الاعتماد على نهج يقم على العلم، ويتبنى سياسة الحد من المخاطر المبتكرة، إلى جانب الالتزام بالتدابير التقليدية لمكافحة التبغ، فإنه يمكن لبنغلاديش الانضمام إلى الكفاح العالمي ضد الأمراض غير السارية المرتبطة بالتدخين والسرطان. هذا ينطوي على تقييم دقيق للأدلة المتعلقة بالبدائل التي قد تكون أقل ضرراً كالسجائر الإلكترونية منتجات التبغ المسخن، وإقرار لوائح مناسبة، مع إعطاء الأولوية للصحة العامة قبل أي اعتبار. في هذه الظروف إن تم العمل على تكييفها، فقط فإنه يمكن لبنغلاديش حماية المواطنين المدخنين بشكل فعال من العواقب الوخيمة لاستهلاك التبغ عبر السجائر التقليدية,

عملياً، فإنه لا يمكن وصف الأهمية البالغة والحاجة الملحة لاتباع نهج قائم على العلم في مجال السياسات، ما يجعل من بقاء صانعي السياسات على اطلاع دائم ضرورة قصوى، مع وجوب تحديث الاستراتيجيات باستمرار؛ لسد الفجوات المعرفية الحالية. وبناءً على نتائج إحصائيات العام 2019، والتي كشفت عن ما بلغ عدده 4.7 مليون حالة وفاة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بسبب استهلاك التبغ، فإن اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة لا بد منه.