جمعيات إسرائيلية: قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية عنصري ويجب إلغاؤه
قدمت ثلاث جمعيات حقوقية إسرائيلية صباح اليوم الأربعاء التماسا للمحكمة الإسرائيلية العليا من أجل إلغاء قانون المواطنة (قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية) لأن غايته عنصرية”. وجاء في بيان مشترك لهذه الجمعيات أنه على مدار سنوات حرصت إسرائيل على تمديد الأمر المؤقت لقانون المواطنة بادعاءات أمنية، ولكن، وخلال المداولات بشأن سن القانون في آذار/مارس الماضي، ومع استكمال إجراءات سن القانون، اعترف المبادرون إليه، ومعهم جهات قضائية في الحكومة، بأن سن القانون له هدف ديموغرافي بمعنى منع زيادة عدد الفلسطينيين داخل الدولة. وقال الملتمسون إلى المحكمة الإسرائيلية العليا إن “سن القانون يعتبر إعادة لترسيخ انتهاكات حقوق الإنسان، بقصد الإضرار المتعمد، ومراكمة المصاعب، دون أن تكون للأمر علاقة بالاحتياجات الأمنية”.
والتمست كل من جمعية حقوق المواطن، ومركز “هموكيد” للدفاع عن الفرد، وأطباء لحقوق الإنسان، إلى المحكمة العليا، باسم مجموعة من المتضررين من قانون المواطنة، لمطالبة المحكمة بإلغائه. وتستعرض الجمعيات الثلاث في التماسها التغييرات الدراماتيكية التي حصلت خلال العقدين الماضيين منذ سن قانون المواطنة للمرة الأولى سنة 2003، ومن ضمنها انعدام قدرة الجهات الأمنية على تبرير “الغاية الأمنية” للقانون.
إلى ذلك يقدم الالتماس مسحا لسلسلة من الحلول التي تم التوافق عليها من قبل الكثير من أعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، الذين ناقشوا مسألة سن القانون، ولم تصدر عن جهاز المخابرات ( الشاباك ) أي معارضة لهذه الحلول، بيد أن الحلول المذكورة لم يتم تضمينها في التشريع لاعتبارات سياسية فحسب.
وقالت الجمعيات الثلاث إنه “تم الإيضاح، في جلسات الكنيست، بأن القانون كان بإمكانه تحقيق هدفه من خلال مساس أقل خطورة بحقوق الإنسان”. وتابعت: “لقد تبين أنه لا يوجد أي مبرر أمني لسحب الحقوق الاجتماعية والتأمين الصحي الرسمي، ممن سُمح لهم بالمكوث في إسرائيل، وصاروا مع مرور السنوات من سكانها عمليا، ناهيك عن منعهم من تلقي خدمات الرفاه والإسكان، وفرض القيود على إمكانيات توظيفهم وكسبهم للرزق، ومنعهم من تلقي المساعدة القضائية وغيرها”. وأكدت أنه قد تم الاتفاق على انعدام وجود حجة أمنية تبرر عدم السماح بتسوية الحالة المدنية للأزواج من ذات الجنس” حسبما ورد في التماس الجمعيات. وأضافت: “ومع ذلك، فإن الصياغة التي تم اعتمادها، تنتهك هذه الحقوق وأخرى غيرها، وذلك فقط لأن الذين وافقوا على التصويت للقانون في القراءتين الثانية والثالثة، طلبوا بأن يمس القانون بحقوق الإنسان بصورة أخطر، دون أن يكون للأمر أي هدف أمني، وحتى في حين وافق جهاز “الشاباك” على إمكانية تخفيف هذه المصاعب”.
وأشارت إلى أنه، بالإضافة إلى ما تقدم، يتعامل الالتماس بالتفصيل مع مجموعتين متأثرتين بصورة خاصة من قانون الجنسية: النساء والأطفال. ويؤكد بأن المرأة التي تحمل تصريحا أو مسجلة بصورة مؤقتة، تقع في أسفل السلم الاجتماعي إذ تعتمد مكانتها في إسرائيل على شريكها وعلاقتها به. وفي كثير من الأحيان، تفضل النساء الاستمرار في علاقة غير آمنة، أو مع شريك عنيف، ومحاولة البقاء مع شريكها حتى استنفاد إجراء تسوية مكانتها، وهي تسوية لا أفق محددا لتحقيقها، على أمل أن يحظين بمكانة مقيم دائم”. وقال البيان المشترك للجمعيات الثلاث إن المرأة الفلسطينية التي لا تريد أن تفقد مكانتها المدنية، وأحيانا أطفالها، خشية أن يتم طردها من دونهم، قد لا تتمكن من التحرر من علاقة عنيفة ومبنية على التنكيل.
وفيما يتعلق بالأطفال، جاء في الالتماس: “إن الأطفال الذين ليست لديهم إقامة يكبرون ليصبحوا بالغين غير مستحقين لأي من حقوق السكان: الحقوق الاجتماعية، التعليم العالي، الحرية في التوظيف، القدرة على قيادة السيارة، الحصول على إعانات في المسكن، وغيرها الكثير. يعني هذا كله عمليا بأن هؤلاء الأطفال الذين يترعرعون ويكبرون في إسرائيل، يعلمون منذ نعومة أظفارهم بأن القانون لا يتيح لهم عيش حياة إنسانية كاملة. وتابعت “مهما كان هؤلاء موهوبين، فإنهم محكومون، بموجب القانون المؤقت، بمسار حياة محدود ومعدوم الإمكانيات، كما أنهم محكومون، قانونا، بالمشقة في كسب الرزق، والفقر، والضائقة”.
وخلصت الجمعيات الملتمسة للقول: “أتيحت الفرصة أمام الكنيست لإلغاء قانون عنصري ومبني على التمييز، يَسِمُ الفلسطينيين جميعا بوصفهم خطرا أمنيا، دون إجراء أي فحص على أساس فردي. وتؤكد الجمعيات الثلاث إنه بدلا من ذلك، فقد اختار أعضاء الكنيست إعادة ترسيخ المساس بحقوق الإنسان بقصد التسبب بالأذى، ومراكمة المصاعب، وتحقيق الضرر، من دون علاقة للأمر بالاحتياجات الأمنية. وتابعت: “لقد توجهنا بالتماسنا إلى المحكمة العليا لأنه لن يمكن الإبقاء على قانون يعمق التمييز المرفوض بين مواطني وسكان الدولة العرب واليهود، بشأن حقهم في الحياة الأسرية في إسرائيل، ويمس بسلسلة طويلة من الحقوق الأساسية، ويفصل بين الأزواج، وبين الأهالي وأطفالهم، ويقوض قيم الدولة الديمقراطية”. وتقدر لجنة العائلات الفلسطينية المتضررة من هذا القانون العنصري أن تعداد المحرومين من لم الشمل يبلغ اليوم نحو 40 ألف فلسطيني علما أن بضع عشرات الآلاف منهم نجحوا قبل سن هذا القانون بالحصول على المواطنة وهذا ما اعتبره المبادر للقانون العنصري رئيس حكومة الاحتلال الراحل أرئيل شارون نوعا من ممارسة حق العودة بشكل غير مباشر.