"الفلتان الأمني" بالخليل.. ظاهرةٌ مقلقة تستدعي تدخلاً حكومياً لمعالجتها قبل فوات الأوان
الحرية- (محمـد عوض)- قبلَ أيامٍ قليلة، تعالت الأصوات العشائرية في محافظةِ الخليل، بضرورةٍ التوصل لحلولٍ جذرية، لمعالجةِ قضايا الفلتان الأمني، وفوضى السلاح، وهو ما دفع كبار العائلات بالمدينة، لعقدِ اجتماعٍ طارئ ضمَ كل الأطياف، وأنتج استجابةً سريعةً من قبل الحكومة الفلسطينية، عقِب تحميلها المسؤولية من أطرافٍ عديدة حضرت اللقاء، عمّا آلت إليه الأوضاع في هذه البقعة الجغرافية.
مجلس الوزراء، أعلن مباشرةً عبر المتحدث باسمه، إبراهيم ملحم، عن عقدِ اجتماعٍ الحكومة الأسبوعي، يوم الاثنين المقبل في الخليل، سبقه حضور قادة الأجهزة الأمنية إلى الخليل، اليوم السبت، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، د. محمـد اشتية، هذا عدا عن تحرّك عاجلٍ من قبل وزارة النقل والمواصلات، لافتتاحِ عدّة مشاريع، والاطلاع على خطط الإصلاح في الجوانب الخاصة بعملها.
· * "عماد خرواط".. قرع جدار الخزّان
أمين سر حركة فتح وسط الخليل، عماد خرواط، ألقى كلمةً مؤثرة في الاجتماع العشائري الذي عقد مؤخراً في المدينة، وطالب الجميع، وعلى رأسهم الحكومة الفلسطينية، والأجهزة الأمنية، بتحمل كامل المسؤولية تجاه خليل الرحمن، خاصةً بأنها تواجه عدواناً شاملاً من الاحتلال، يستهدف البشرَ، والحجر، كما طالَ المعالم الدينية، وأبرزها: المسجد الإبراهيمي، وحذّر آنذاك من انعكاسات ذلك على الأرض.
"خرواط"، وبجرأة كبيرة، رفضَ ما أسماه "حماية العائلات الكبيرة للخارجين عن القانون"، وطالب بضرورة لجمهم من قبل عشائرهم، للحفاظِ على قدرٍ عالٍ من الاستقرار الاجتماعي، ومنع انهيار البنى الأخلاقية للمدينة، كونها أوَّلَ من علمت المحافظات الأخرى العرف العشائري –حسب قوله-، وهذه التصريحات من رجلٍ مسؤول، قرعت جدار الخزان بحق، وفتحت ملفاً حساساً وهاماً، يتطلب معالجته على الفور.
· * فوضى السلاح والعائلات الصغيرة
حالةُ انفلات السلاح بالخليل، لها العديد من الأسباب حسب شيوخ العشائر، أبرزها: ضعف تنفيذ القانون من الجهات المختصة، عدم وجود عقوبات رادعة، وهنا إشارة إلى معضلات تواجه السلطتيْن: التنفيذية والقضائية، مصدرها حاجة المحافظة إلى مزيدٍ من رجال الأمن، والتعاون مع العائلات، وتوفير بيئة خصبة من قبل الحكومة لإنفاذِ القانون، وهو ما لا يريده الاحتلال، الذي يسعى لتكريس ظاهرة "البلطجة".
وحتّى لا تكون العائلات الصغيرة "عددياً" عرضةً للتسلط من العائلات الكبيرة، كان لا بدَ من عقدِ الاجتماع الأخير لرجال الإصلاح في المحافظة، وهو ما تم التعبير عنه بقول خرواط: "عدد العائلات الصغيرة 140، بينما العائلات الكبيرة خمس، لذلك وجب حماية الفئة الأولى بكل السبل المتاحة"، وأردف حينها: "العائلة –كمثال- تحتوي على 5000 شخص خلوق، وخمسة على عكس ذلك، وعلى الـ5000 ضبط الخمسة".
· * مخرجات ضبط الحالة الأمنية
سيادةُ القانون من خلال ضبط حالة الفلتان، ستؤدي إلى انتعاش الاقتصاد في المدينة، وستجذب إليها الزوار من كل المدن الأخرى، كونها تحتوي على مجمعات تجارية، ومراكز ترفيهية عديدة، وهو ما لفت الانتباه إليه رئيس الغرفة التجارية في الخليل، عبده إدريس، في الاجتماع العشائري الأخير، وأكد على أن الفلتان يرهب الناس، ويؤثر على الحركة الشرائية، وبالتالي فإنه قد يؤدي مستقبلاً إلى التأثير على ديمومة الشركات، وقدرتها على المنافسة.
الخليل، هي المحافظة الأكبر مساحةً، كما أنها الأقوى اقتصادياً، وتعود بالنفع الهائل على خزينة الدولة، لكنها وفقاً لشكاوى سكّانها، تعانى من التجاهل الدائم، وضعف الاهتمام بها مقارنةً مع مكانتها، كما يتربص بها الاحتلال، ويتغوّل بشراسةٍ في هجومه عليها، وسعيه الحثيث لتهويدها، وضرب مناعتها الاجتماعية، الأمـر الذي يستدعي تدخلاً حكومياً وفقاً لخطةٍ محكمة، وإقرار ذلك على المدى الطويل، للوصول إلى "خليل الرحمن" التي نُحب أن نراها.