"النجمة الواحدة" التي هزت عرش الإمبراطورية.. فيسبوك تواجه حملة لخفض تقييم تطبيقها مناصرة لفلسطين
في محاولة أخرى منها لاحتواء الأزمة قدمت الشركة عبر منصتها اعتذارا للشعب الفلسطيني ومناصري قضيته في أنحاء العالم، ملقية اللوم على الخوارزميات في محاولة منها للتنصل من مسؤوليتها وانحيازها لإسرائيل.
يقول مارتن لوثر كينغ "سيكتب التاريخ أن أكبر مأساة في مرحلة التغير الاجتماعي هذه لم تكن الضجة القاسية للناس السيئين، بل الصمت المروع للناس الطيبين".
ويبدو أن الناس الطيبين قد سمعوا كلمات كينغ أخيرا، وقرروا الخروج عن صمتهم، وإسماع صوتهم للعالم أجمع بفعل في منتهى البساطة وهو "الضغط على نجمة"
فهم بهذا الفعل البسيط جدا هزّوا عرش أكبر إمبراطورية للتواصل الاجتماعي في عصرنا الحديث، عصر الذكاء الاصطناعي والخوارزميات المنحازة، أو زمن فيسبوك كما كان يحلو لبعضهم أن يقول.
ولأن "أهم ما في التواصل هو سماع ما لا يقال" كما يؤكد الكاتب والموسيقي الأسترالي بيتر دويل، أو ما لم يسمح بقوله في هذه الحالة، فقد شنّ عشرات آلاف المستخدمين من شتى أرجاء العالم -الذين حاولت فيسبوك (Facebook) عبر منصاتها المختلفة كتم أصواتهم- حملة ضخمة لخفض تقييم تطبيق فيسبوك على متجري "غوغل بلاي" (Google Play) و"آب ستور" (App Store) بإعطاء نجمة واحدة فقط ضمن مقياس من 5 نجوم لتقييم التطبيق عبر المتجرين، وذلك بغية حذفه منهما في نهاية المطاف.
انخفاض الأرباح
لأول مرة وقد أتت هذه الحملة أكلها بسرعة فائقة إذ انخفض تقييم التطبيق في 20 من شهر مايو/أيار الجاري من 4.9 نجمات إلى 1.9 في "آب ستور" و2.4 عبر متجر "غوغل بلاي".
كذلك انخفض سعر أسهم الشركة أول مرة منذ 52 أسبوعا بنحو 0.75% للسهم الواحد لتبلغ قيمته 316.2 دولارا أميركيا بعد أن كانت قيمته قبل الحملة 319 دولارا، وذلك حسب موقع "ماركت ووتش" (MarketWatch) الذي يعد أكبر موقع لرصد أسهم الشركات الكبرى في البورصة العالمية.
انخفص تقييم التطبيق إلى 2.3 نجمة في غوغل بلاي و2.4 في آب ستور
يذكر أن صافي أرباح شركة فيسبوك خلال الربع الأول من العام الحالي بلغ 9.497 مليارات دولار، قياسا بـ4.9 مليارات دولار في الربع الأول من العام الماضي، وهو ما يعادل 3.3 دولارات للسهم الواحد، مقابل 1.71 دولار للسهم خلال المدة نفسها من عام 2020.
ومن هنا نستطيع أن نفهم خوف الشركة من انخفاض أرباحها لأول مرة منذ مدة طويلة بسبب هذه "الضغطة البسيطة على نجمة" التي هزّت عرش الإمبراطورية، ودفعت مجلس إدارتها وكبار قادتها للتحرك بسرعة فائقة لتدارك الأمر، إذ شُكّلت خلية أزمة للتعامل مع الحملة بمنتهى الجدية، وصُنّفت على أنها "بالغة الخطورة" على سمعة ومستقبل الشركة التي تكافح جاهدة للبقاء على عرش منصات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، وتواجه منافسة شرسة في هذا المجال.
كذلك تواصلت إدارة الشركة مع إدارتي شركتي آبل وغوغل لإزالة التقييمات السلبية في متجري التطبيقات التابعين لهما لكن آبل رفضت الطلب، وتلكأت غوغل في تلبيته حتى الآن، وما زالت التقييمات منخفضة جدا حتى لحظة كتابة هذه السطور، إذ انخفض تقييم التطبيق إلى 2.3 نجمة في غوغل بلاي، و2.4 في آب ستور.
وفي محاولة أخرى منها لاحتواء الأزمة قدمت الشركة عبر منصتها اعتذارا للشعب الفلسطيني ومناصري قضيته في أنحاء العالم، ملقية اللوم على الخوارزميات في محاولة منها للتنصل من مسؤوليتها وانحيازها لإسرائيل.
الرعب الحقيقي لفيسبوك
ولكن ما آثار انخفاض تقييم تطبيق فيسبوك عبر المتجرين في دخل الشركة ومستقبلها؟ تقول علا الفرواتي الناشطة والخبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسة لشركات عدة في التسويق الإلكتروني وتكنولوجيا المعلومات "إن التقييم السلبي له آثار مباشرة قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى، وفيسبوك تخشى الآثار بعيدة المدى أكثر لأنها ستكون وخيمة العواقب بسبب فقد ثقة المستخدمين، خصوصا لدى فئة الشباب صغار السن الذين سيكبرون وهم يحملون فكرة سابقة من آبائهم بأن فيسبوك منحازة وغير جديرة بالثقة، وهو ما سيدفعهم لهجرها لمصلحة منصات تواصل اجتماعي أخرى لا تحمل هذه السمعة السيئة مثل تيك توك (TikTok)، وتويتش (Twitch)، وسناب شات (snapchat)، وكلوب هاوس (clubhouse)، وغيرها من التطبيقات والمنصات المنافسة".
وفي الحقيقة فإن هذا هو الرعب الحقيقي لدى فيسبوك، وهو فقد ثقة الأجيال الجديدة من المستخدمين وتحولهم إلى منصات أخرى منافسة.