في زمن الكورونا والعزل المنزلي كيف نحافظ على طاقتنا وصحتنا؟
جورج كرزم / مدير وحدة الدراسات في مركز العمل التنموي/ معا
أدى التفشي الفجائي لوباء كورونا في فلسطين التاريخية والعالم بأسره، إلى تغيير نمط حياة الناس. جزء كبير من السكان في منطقتنا والعالم تحول إلى العمل في المنزل، وبالتالي أصبحنا نقضي أياما وأسابيع طويلة متواصلة داخله، بينما اختفت خيارات الترفيه والتسلية. أثناء التزامنا بتعليمات وزارة الصحة، هناك أشياء سهلة لا بد أن نمارسها كي نحافظ على صحتنا في ظل الواقع الحياتي الجديد.
الخطورة الكبيرة تكمن في بقائنا بحالة سكون وانعدام الحركة أثناء إقامتنا في المنزل؛ لذلك نحن بحاجة إلى دمج الحركة في سياق حياتنا المنزلية خلال النهار قدر الإمكان، آخذين في الاعتبار القيود المفروضة. نمط الحياة النشط يحسن كتلة العضلات وكتلة العظام ووظيفة الجهاز المناعي وضغط الدم ووظيفة الدماغ. هذه الكتل والوظائف تضعف خلال فترات الخمول البدني الذي يعد من أهم مسببات الأمراض والموت المبكر.
في هذه العجالة نقدم بعض النصائح العملية التي تساعدنا في قضاء فترة صحية أكثر بمنازلنا:
الجلوس
خلال بقائنا في المنزل، فد نقضي أوقاتا طويلة جالسين، سواء أثناء العمل أمام جهاز الكمبيوتر أو أثناء مشاهدة التلفزيون أو تناول الطعام أو مجرد الجلوس دون هدف محدد. فكيف يجب الجلوس؟ ربما الجلوس والظهر منتصب وملاصق لظهر الكرسي؟ أو الجلوس مع إبقاء كلا كفي القدمين على الأرض بحيث يكون مفصل الركبة 90 درجة بالضبط؟ أو ربما الجلوس بحيث تشكل وضعية الرأس امتدادا عموديا مستقيما مع العمود الفقري؟
الحقيقة أن كل ما قيل في الأسئلة السابقة يعد أسطورة قديمة شائعة؛ إذ لا يوجد سند بحثي يثبت العلاقة بين الجلوس "غير السليم" وألم العضلات والعظام المختلفة. لذلك لا فائدة من إشغال أنفسنا بوضعية كل مفصل، أو وضعية الظهر منحني أو مستقيم... إلخ. الجواب أقل تعقيدًا بكثير: فلنجلس بالشكل الذي يريحنا ولا يؤلمنا.
ورغم أهمية الجلوس بطريقة مريحة لا تسبب ألما، فمن الضروري أيضًا تغيير وضعية الجلوس. لذا، بين الفينة والأخرى، يجب تغيير وضعية الجلوس ولو بشكل طفيف. فقد يكون الجلوس عاديا، أو على الركبتين، أو في وضعية القرفصاء (وضع كفي القدمين على الأرض والأرداف بين الكاحلين)، أو بأية طريقة أخرى، شريطة ألا نشعر بالألم وعدم الراحة، كما ذكرنا.
النهوض والحركة
من الأهمية بمكان أن يحدد كل منا فترة جلوس معينة، يعقبها نهوض فمشي (ولو قليلاً). لا توجد توصية رقمية دقيقة للأوقات التي يجب الالتزام بها، لأن المهم هو الحركة والمشي كلما استطعنا ذلك. ومن المحبذ أن نلزم أنفسنا بشيء يمكننا الالتزام به والمثابرة عليه لفترة طويلة.
الرياضة المنزلية
في ظل حالة الطوارئ، مراكز وصالات الرياضة مغلقة، كما أن الخيارات الرياضية الأخرى (مثل كرة القدم وكرة السلة) أصبحت صعبة التنفيذ، لذا، يستحسن البحث عن بديل قابل للتنفيذ؛ إذ توجد مجموعة منوعة من التدريبات التي يمكننا القيام بها في المنزل، دون معدات أو مع حد أدنى من المعدات. التوصية الرئيسية هي الالتزام بممارسة تمارين القوة والتمارين السويدية، وذلك لأهمية الحفاظ على كتلة العضلات خلال فترة المكوث في البيت، وبالتالي تعتبر مثل هذه التمارين مثالية لهذا الغرض. كما أن تمارين التمطيط لا تقل متعة. فلنحاول تجنيد أفراد الأسرة للتدريب الرياضي أو لنشاط مشترك، ما يضمن استمرارية الالتزام بتنفيذ التمارين الرياضية، فضلا عن ممارسة فعالية أسرية جماعية ممتعة.
استهلاك البروتينات
من بين الفوائد العديدة للبروتين أنه يساعد في الحفاظ على كتلة العضلات. وكما ذكرنا سابقا، خلال فترة محدودية الحركة، فإن كتلة العضلات تضعف كثيرا، وبالتالي من المهم الحفاظ عليها من خلال تناول الأطعمة المناسبة الغنية بالبروتين (مثل اللحوم والأسماك والبدائل النباتية مثل البقوليات)، وبالطبع، إلى جانب التمارين الرياضية المنزلية.
استهلاك الأطعمة المشجعة على الشبع
الإقامة الطويلة في المنزل قد تؤدي إلى زيادة استهلاك الطعام. لذا، من المهم تناول الأطعمة ذات الحجم الكبير والقيمة الحرارية المنخفضة نسبيًا، ما يولد إحساسا بالشبع ويمنع الإفراط في استهلاك السعرات الحرارية. الخضروات على سبيل المثال، مثال جيد على ذلك؛ إذ أن حجمها كبير مقابل قيمة منخفضة من السعرات الحرارية. علاوة على استهلاك كمية كافية من البروتين الذي، كما ذكرنا، يساعدنا أيضًا من هذه الناحية؛ حيث يعد البروتين الغذاء الأكثر إثارة للإحساس بالشبع.
تجنب شراء المسليات المغرية
الملل الذي قد يسيطر علينا أثناء الإقامة الطويلة في المنزل، قد يدفعنا إلى استهلاك المسليات الخفيفة والسكاكر المرغوبة لمعظم الناس، والتي عادة ما يكون حجمها صغيرا وقيمة سعراتها الحرارية عالية. فمجرد غياب هذه المغريات في المنزل، سيسهل علينا الحفاظ على نظام غذائي متوازن خلال فترة مكوثنا في المنزل.
إعداد الوجبات الغذائية
بدلًا من الغرق في ساعات عمل طويلة لنجد بعدها أنفسنا جائعين، وفي حالة مزاجية هابطة ومرهقة، فلنحاول مسبقا إعداد وجبات نوعية ومغذية، بدلا من الوجبات السريعة الملوثة التي تؤدي إلى زيادة متضخمة في استهلاك السعرات الحرارية.
شرب الماء
المنزل المكيف قد يخدر أحيانا شعورنا بالعطش. يجب الانتباه إلى جفاف الفم ولون البول (الوضع الصحي يفترض أن يكون لون البول وشفافيته كالماء تماما)، ووفقًا لذلك استهلاك كمية كافية من الماء. من وجهة نظر بحثية، لا أساس للمقولات الدارجة التي تحدد أهدافا كمية دقيقة لشرب المياه. إجمالا، نشرب الماء عندما نشعر بالعطش، أو عندما يكون لون البول أصفر قاتما، أو، بكل بساطة، عندما يروق لنا.
مغادرة المنزل
بالطبع، في ظل وباء الكورونا، فإن التوصية الأساسية هي تجنب الخروج غير الضروري من المنزل. لكن، لدى خروجنا الاضطراري، يجب أن نستفيد منه. فعلى سبيل المثال، يمكننا المشي سريعا أو حتى الجري قليلاً، علاوة على استعمال الدرج بدلا من المصعد.