التعامل مع الخوف
التعامل مع الخوف
* صادر عن منظمة أطباء بلا حدود
استيقظت على نباح الكلاب غير مدركة ماذا يحدث حولها، غطت شعرها وركضت إلى غرفة أطفالها. كانت تعلم أن الكلاب كانت تأتي معهم. كان ذلك في شهر أبريل الماضي عندما دخل جنود الاحتلال الاسرائيلي منزلها في الساعة الثالثة صباحًا وبقوا لفترة من الزمن وبعد ذلك اعتقلوا ابن عمها.
كانت هذه المرة الأولى التي يقتحمون فيها منزلها، ذلك المكان الذي يجب أن نشعر فيه بالأمان. في تلك الليلة، لم يستطع أحد النوم.
الخوف هو عاطفة يختبرها الجميع في مواقف مختلفة وهي استجابة ضرورية تقوم بحمايتنا من الخطر ولكن، عندما يستمر الخوف لوجود تهديد حقيقي وثابت يوميًا فإنه يبدأ في توليد تأثيرات في العقل وفي الجسم أيضًا.
جاءت فاطمة وابنها وسيم البالغ من العمر ثمانية أعوام إلى مكتب أطباء بلا حدود. فاطمة تبلغ من العمر 28 عامًا ، وهي حامل في شهرها السابع. قالت أنها قلقة بشأن وسيم فعملية مداهمة جيش الاحتلال للمنزل أثرت على جميع أفراد الأسرة، أخبرتنا بأن وسيم بدأ بالتصرف بشكل مختلف. منذ تلك الليلة لا يريد أن يكون وحيدا، يبكي كل يوم تقريبا ويبلل السرير في بعض الليالي. إنه أكثر عدوانية مع أخواته ولا يريد الذهاب إلى المدرسة.
أخبرتني فاطمة "إذا كان وسيم على ما يرام فأنا سأكون بخير" وأنا بدوري أجبت "إذا كنت أنت بخير ، فبالتأكيد وسيم سيتحسن"
لقد تغيرت حياة فاطمة أيضًا بعد تلك الليلة فعندما كانت لدينا مساحة للتحدث أكثر عن كيفية تأثير عملية المداهمة والاعتقال في منزلها، ظهرت عندها الأعراض المرتبطة بالقلق: اليقظة والقلق المستمر مما سيحصل ومشاكل النوم (الأرق) والإرهاق والعصبية.
لم تستطع فاطمة التوقف عن رعاية أطفالها ومنزلها وزوجها. "اعتقدت أن عدم الحديث عن ما حدث كان أفضل للاستمرار ولتكون قوية" شيئاً فشيئاً وبعد المقابلة الأولى ، قالت فاطمة إنها شعرت بارتياح أكبر ووافقت على موعد جديد بحيث ليكون لديها مساحة دعم نفسي خاص بها.
وفقاً للطبيبة النفسية جوديث هيرمان ، فإن الاستجابة المعتادة والتي من الممكن حدوثها بعد حدث صادم محتمل هو الشعور العجز ومحاولة محو المشاعر المرتبطة بالحدث من العقل الواعي. عملية الشفاء تتطلب من بعض الأشخاص الشعور بالاحتواء والثقة عند التعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم وذكرياتهم المكبوتة"
والهدف من ذلك هو استعادة الشخص لشعور السيطرة على حياته حتى عندما يكون الشخص في سياق تهديد مستمر.
وسيم يحب الرسم ويطلب دائمًا المزيد من الأوراق. رسوماته تصبح قصصًا عندما يتم تجميع النهايات معاً. في بعض الأحيان، يرسم وسيم الدبابات والجنود وفي البعض الأخر يرسم الغابات بشخصيات رائعة.
في الجلسة الأولى من العلاج، بحث وسيم عن أبعد كرسي لكي يجلس بعيداً عني. هو يعرف الآن أنني من بلد بعيد جدًا عن بلده، ولكن يمكن تقصير المسافات باللعب. قررنا أن تكون آخر جلسة في الخارج في الهواء الطلق. وقمنا بوضع ، قوسين مع كراسي وبدأت الكرة في التدحرج. كان واضح من لفتاته أنه يريد الفوز.
تقول فاطمة إنها شعرت بالارتياح بعد الجلسات وأنه كان مفيداً جداً لها بالتفكير بالأمور التي كانت تتحدث عنها وتستمع لها. لم تعتاد فاطمة على أن تشارك مشاعرها وأفكارها مع أحد ولا تحب أن تقلق أحد عليها. هي لا تشارك الأشياء مع الناس عادة ، ولا تحبهم أن تقلقهم عليها. على الرغم من أن خوفها من الليل لم يختف بعد والضوضاء ما زالت توقظها لأنها تريد أن تكون أكثر استعدادً، تحديداً لأنها على يقين أن عملية المداهمة والاعتقال يمكن أن تتم في أي وقت.
فكرت فاطمة في الاستراتيجيات التي تم نقاشها خلال الجلسات كما وتحدثنا عن مخاوفها وعن نقاط قوتها. وفي إحدى الجلسات الأخيرة ، أخبرتني أنه في الساعة الثانية صباحًا ، طرقوا بابها جنود الاحتلال الاسرائيلي مرة أخرى وحدثت عملية مداهمة جديدة ولكن ردة فعلها هذه المرة كانت مختلفة حيث تغلبت على بعض المواقف وهدأت أطفالها وحاولت جعلهم يتجاوزوا الحدث بسرعة.
تذكر دائما ومهما كان عمرك أنك قد تكون بحاجة للدعم النفسي وأنك غير مضطر لمواجهة المواقف الصعبة والمؤلمة لوحدك. إن الصحة النفسية مهمة جداً ولا يجب إهمالها، لأن الأشياء التي تبدو صغيرة وغير مهمة اليوم قد تتحول إلى مشكلة أكثر تعقيداً ويصعب معالجتها إذا تركت دون علاج، لذلك، إذا شعرت أنك بحاجة إلى المساعدة أو شعرت أن شخصاً آخر بحاجة لها ولا تستطيع تقديمها له تذكر أنك تستطيع مساعدته عن طريق تعريفه بخدمات منظمة أطباء بلا حدود. حيث تعمل المنظمة في محافظة الخليل مع ضحايا العنف السياسي عن طريق تقديم الدعم النفسي للأفراد والعائلات والمجموعات من خلال طاقمنا المتكون من الأخصائيين النفسيين الاجتماعيين والأخصائيين النفسيين الإكلينيكيين.لا تتردد بالإتصال بنا على الرقم0599980782 إذا كنت بحاجة إلى المساعده، وتذكر دائماً أن خدماتنا مجانية وخاضعة للسرية التامة.
عن منظمة أطباء بلا حدود
منظمة اطباء بلا حدود هي منظمة دولية طبية انسانية مستقلة، تقدم المساعدة الطارئة للأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة والأوبئة والكوارث الطبيعية، والأشخاص المحرومين من الرعاية الصحية. تعمل المنظمة حالياً في أكثر من 70 دولة حول العالم، حيث تستجيب لحالات الطوارئ الطبية وتقدم المساعدة للأشخاص المتضررين، وفقا لاحتياجاتهم. بغض النظر عن العرق او الدين او الجنس او الانتماء السياسي.
تُدير المنظمة مشاريع للصحة النفسية في الخليل منذ عام 2001، وفي نابلس وقلقيلية منذ عام 2004. وتقدم الدعم النفسي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية بسبب العنف الناجم عن الصراع السياسي. أما في قطاع غزة فتعمل المنظمة منذ العام 1989 وتحرص على توفير الرعاية الطبية اللازمة مثل الجراحة التجميلية الترميمية و تأهيل المرضى الذين تعرضوا لإصابات مختلفة.