ماذا يقولون عن الآنسة الشقراء؟
كتبت حنان ردايدة
يركز الإعلام على شخصية ما في كل مرة ، وينقسم الناس من حولها بين مؤيد ومعارض. من الطبيعي ذلك لأنه ليس هنالك إجماع على أي شخص في العالم. فإن ما قامت به عهد، رغم جرأته؛ إلا أنه جزء بسيط من تاريخ نضالي مستمر ، خاض خلاله الشعب الفلسطيني بأكمله كافة أشكال المقاومة، بدءا من إلقاء الحجارة ، مروراً بعشرات العمليات الفدائية والمعارك الملحمية.
لطالما رسم الغرب الصورة النمطية البائسة والعنصرية لنا. أراد دائما اختزال الجمال بالبشرة البيضاء، واحتكاره بالأوروبيين. لذا تعتبر عهد تنافسهم في ميدانهم . لذلك عندما قدّمتها الصحافة الغربية لقرائها لفتت النظر أكثر من غيرها من الفلسطينيات. فحرصت إسرائيل على جلب مجندات لحراسة عهد في المحكمة.. اعمارهن واشكلهن مشابهة لها ، لتجميل صورة المحكمة القبيحة.
إن التغطية الإعلامية ليست دائماً قراراً منفرداً من الوسيلة الإعلامية. فيحدث أحيانا عند طرح الصحافة الخبر، إذا كان تفاعل الرأي العام معه أكبر بكثير من التفاعل المعتاد، فإن الوسائل الإعلامية تتجه إلى متابعته أكثر لتلبية حشرية متابعيها. وهذا ليس جديدا على عهد فقد كانت دوما تحرص على أن تكون مرافقة للكاميرا كلما شاركت في اي من فعاليات المقاومة الشعبية.. ليس من أجل الاستعراض؛ بل من أجل التوثيق، وإطلاع العالم على حقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة.
إن حجم الفعل مقارنة مع ردّ الفعل ساعد قصة عهد على الانتشار. بعيدا عن السيكولوجيا الفلسطينية لنتقرب أكثر على السيكولوجيا الغربية بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، صفعة عهد للجندي ليس عملاً بطولياً صعباً بالنظر لما قدموه . لكن تحديداً "بساطة" هذا الفعل هو ما أكسبها هذا التعاطف الغربي. فإنها لم تكن تقوم بأي عمل "عنيف" من الأعمال التي قد سوق لها الإسرائيليون في الغرب على أنّها إرهاب وليست شيئا من المقاومة. ولأنها لم تصفع جندياً على حاجز تفتيشه، أي أنها سيكولوجياً لم تكن معتدية عليه. هي ببساطة صفعت جندياً دخل إلى بيتها.
قد بدأ التفاعل مع عهد عالمياً، فبالتالي حاولت الكثير من المواقع الفلسطينية صناعة رموز أخرى من أسيرات وشهيدات رغم ذلك لم يكن تلقيه بحجم قصة عهد. لكن في جميع الأحوال، إن مخيلة الناس بالعادة لا تحتمل أكثر من بطل، لذلك لا تنجح جميع الأفلام التي تجمع الأبطال الخارقين بل تنجح الأفلام التي تروي كل بطل خارق بشكل منفرد.
لكن ما الذي سيستفيده الفلسطينيون من الانقسام حول عهد؟ حتى من تجريدها الألقاب التي قد منحت لها؟ هل تخسر القضية الفلسطينية من المنابر التي ستُتفتح في الغرب لعهد لتخبر رأياً عاماً اعتاد أغلب الوقت على سماع وجهة النظر الإسرائيلية؟ أم تكسب؟
أتوقع إن لم تكن عهد عربية، لوجدت مجتمعها يقف خلفها يداً واحدة وذلك يتمثل بعيدا عن رأيه الشخصي فيها أو حتى بأحقيتها بالدور. لكنّنا من البداية و بالأساس لا نجيد الفصل في المواقف والمصالح، لأننا لا نرى إلا الأبيض والأسود ، ولا نجيد إلا فنّ السياسة الرمادية.