للرجولة أصول لا يفقهها الفسدة
كنت ربما أول من كتب منشورا مقتضبا عن رفض جامعة الزيتونة طلبا رئاسيا سبساويا فلوليا يطالبها فيه بمنح الدكتوراة الفخرية للملك سلمان ملك السعودية، وحييت صلابة قرار الجامعة و(تطقيعها) للرئاسة التونسية وغيرها.
من حيث المبدأ, لست ضد منح أي كان شهادة دكتوراه فخرية إن كان يستحق مع يقيني أن الكراتين لا قيمة لها، سواء أكانت الشهادة "حقيقية" أم "فخرية"، والمعول عليه فقط هو الأداء والإنجاز والسيرة الحسنة والبعد عن الفساد وقلة الدين والخيانة... الخ.
كثير من الناس حملوا الدكتوراه أو حُمّلوها، و لا تجد لهم بابا يفتح لجهة القبلة، والعكس صحيح طبعا، ولا أعمم فثمة كثير من الناس من جمع الأمرين ممن أوتوا نعمة الدين والاستقامة والإبداع والصلاح والعلم الحقيقي.
كثير من الناس (تدكتر)، واندثر ولا تحد له أيما أثر من بحث أو موقف يعتد به دينا أو وطنيا أو علميا أو خلقيا أو إنسانيا أو مهنيا، ولعل مثال العقاد وغيره كثير ممن هم في مكانته ممن لا نعرف خير مثال على تفوق العلم الحقيقي على الكرتونة. فالعقاد كتب عشرات الكتب التي هي فتوح في أبوابها، وهو لم يجتز التعليم الإعدادي
قرأت مرة لأحدهم يتحدث عن كتاب مجلة مصرية رصينة يوم كانت مصر مصرا يروي فيه ما يلحن به الكتاب الرائعون، وكلهم قامات في كتاباتهم بحيث تصل مقالاتهم بها أخطاء لغوية؛ واستثنى الكاتب عباس محمود العقاد الذي كانت مقالاته تخلو من أيما خطأ لغوي.
ولنعد لجامعة الزيتونة العريقة في تونس الخضراء. جاءهم طلب الرئاسة ورئيسها الباجي السبسي يطلب منح سلمان الدكتوراه الفخرية. التأم مجلس الجامعة ورفض ذلك رفضا قاطعا وهذا أمر يسجل لتونس وأهل تونس ووعي تونس، مؤكدة أن ثمار ثورة الياسمين ما زالت تتوالى رغم كرة الفلول, تلك الثورة التي فجرت ثورات الربيع العربي الزاهر قبل أن يتكاتف ضده الصهاينة والأمريكان والفلول من العملاء العرب والجهلة العرب والمغرضين العرب والفاسدين العرب فصار ما كان ولكن إلى حين وسيزهر الربيع العربي شاء من عارض وأبى أو لم يشأ ولكنكم تستعجلون.
حيّا الله جامعة الزيتونة والقائمين عليها، وحيا الله كل حر عربي ومسلم، وكل حر وشريف ومحترم ومستقيم في هذا الكون المائر المتأهب للوصول لعدالة لن يرفع لواؤها إلا كل محترم ومستقيم وذو دين وعلم حقيقي وخلق قويم.