اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون
يدمي المقل ويوجع القلوب ما وصل اليه حال امتنا التي ما عادت تتغنى الا بامجاد السابقين ولا تجد لها اليوم على الارض اثرا صالحا الا ما ندر ، فما حدث في الخليل اليوم مؤلم حد الوجع لان الناظر لحالنا يرى اننا اصبحنا سطحيين هامشيين لدرجة لا يمكن وصفها بالكلمات والجمل في فهم حالنا وواقعنا العصيب العجيب المؤلم.
الناظر الى الحالة الفلسطينية بشكل عام والمحلل لما جرى اليوم في الخليل ونابلس من احتكاك ونزاع بين ابناء الوطن المكلوم يدرك اننا لم نعد ندرك مدى الخطر الذي يحيط بنا من كل جانب واننا اصبحنا لا نتفهم ولا نعي اننا بشكل او باخر بقصد او بغير قصد نساهم في ضياع المزيد من ارضنا وحقنا ونسخر ونستهين بتضحيات شهدائنا واسرانا ودماء من ارتقوا مؤخرا من شهداء لم تجف دماؤهم بعد واصبح جل همنا ان نتصارع فيما بيننا لنظهر لانفسنا وفقط لانفسنا اننا على حق والاخرون مجرمون متخاذلون وعلى باطل وهذا ترونه جليا في ما اعقب الاحداث التي وقعت في عين سارة بالتحديد من قبل المشاهدين عن بعد والمراقبين من خلف الشاشات والذين لا هم لبعضهم الا اثارة الفتن وزيادة الفرقة واشعال فتيل الازمات في وطن وزمن نحتاج اكثر ما نكون فيه الى التكاتف والوقوف صفا واحدا في وجه من يسلب ارضنا ويعتدي على عرضنا ويسفك دمائنا ولا يجد منا الا قلة صادقة تتصدى له بعيدا عن الكاميرات والتظاهرات والبهرجة الكاذبة التي يصنعها البعض.
الهذا وصل الحال بامة يفترض انها خير الامم وشعب كان يتغنى بوفائه ونقائه وتكاتف ابنائه وانتمائهم لقضيته التي تتعرض اليوم لاكبر مؤامرة في تاريخ كل البشر.
هل اصبح همنا الوحيد هو ان نظهر بثوب الصالحين والبحث عن كل امر نثبت من خلاله ان اهلنا واخواننا وابناء دمنا وشعبنا ولاننا لا نتفق معهم فهم خائنون متآمرون وعملاء للاحتلال او لهذه الجهة او تلك ؟
اهذا هو شعب الجبارين ؟ اهؤلاء هم ابناء الياسر والياسين ؟ لا والله فلم اسمع قادتكم السابقين ولا في احلك الظروف واصعبها يتهمون بعضهم بمثل ما تتهمون او اخوانكم تصفون.
لقد وصلنا الى قاع الحضيض عندما اصبح جل همنا ومعركتنا الوحيدة هي مع انفسنا واقول انفسنا لانني اعتبرنا جميعا ابناء نفس الدم والدين والعرق والقضية ولكن للاسف اصبح همنا ان نبحث عن طريقة ووسيلة نصف فيها من لا نتفق معه بانه الخائن العميل الخسيس ونظهر انفسنا وفصيلنا وعشيرتنا وكاننا نحن الاطهار الاخيار المدافعين الوحيدين عن الارض والقضية ولكننا جميعا بهذه الطريقة من ذلك براء.
فلسطين لا تبيعها تنظيمات ولا جماعات ولا تخونها عشائر ولا سلطة ولا مؤسسات ، فلسطين خانها افراد تربوا على الخسة والنذالة ولكن لم يبعها يوما قائد ولا تاجر بها تنظيم ، فلسطين لم تخنها حماس ولا فتح ولا الجبهتين ولا حتى حزب التحرير ، فلسطين لم يخذلها الا الخائن بالفطرة وهؤلاء قلة لا تكاد تذكر ولا يجب ان تذكر اصلا في قواميسنا ، ابناء فلسطين على مختلف انتماءاتهم اوفياء انقياء ولكنهم تائهون ليس لانهم يريدون ولكنهم فعلا لا يعلمون. ولانهم لا يعلمون يجب ان يفهموا ان كل خلاف بينهم هو لمصلحة عدوهم الذي يسلب كل يوم جزءاً آخر من ارضهم وكرامتهم وحياة ابنائهم وحريتهم.
لقد وصل بنا الحال الى مفترق يجب عليه ان نقف ونحدد الهدف ونقرر هل نحن فعلا خير امة وخير خلف للذين ضحوا بحياتهم واعمارهم لاجل هذه الارض وحريتها ؟ ، هل نحن تلاميذ ياسر عرفات الذي صبر وصمد وضحى حتى الرمق الاخير وسار مرفوع الهامة متأزرا بابناء شعبه نحو الموت وهو يعلم انه المستهدف في كل لحظة ؟ هل نحن فعلا تلاميذ الياسين الذي لم ينطق يوما الا خيرا ولم يذكر شعبه الا بخير وقاوم وصمد وصبر حتى نال ما تمنى عند ربه ؟ هل نحن تلاميذ ابو علي مصطفى وحكيم الثورة الذين ما ذكروا غيرهم من اهلهم الا بخير ولم تكن ايديهم الا ممدودة للكبير والصغير من ابناء شعبنا لما فيه خيرنا وخير امنتنا ؟ ان كنا فعلا تلاميذ هؤلاء علينا وفورا ان نتوقف عن كل اشكال الصراع والنزاع والخلاف والنظر بعين اللطف والمحبة لكل من هو فلسطيني حتى لو اخطا السبيل والتصرف وحتى لو اخطا في التعبير او حتى في فهم الامور والقضيه ومجريات الاحداث.
انت فلسطيني وانا وهو ونحن جميعا كذلك .. رجل امن كنت او مناصر لحماس او فتح او الجبهتين او حزب التحرير او كنت مستقلا فانت فلسطيني والفلسطيني يفترض ان يكون من خير الامم ، الفلسطيني ثائر والثائر حر والحر لا تعتدي على اهله لا باللفظ ولا بالفعل لانه مسلم والمسلم يسيرعلى نهج نبيه صلى الله عليه وسلم الذي تعرض لافظع الاذى والضرر فقال " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " ذلك لانه يحمل رسالة اكبر من شخصه وعشيرته واراد ان يحققها حتى لو كان الامر على حساب نفسه وجسده.
عدونا يتربص بنا ويقف على التخوم ليتفرد بنا ويمعن في قتلنا وسلب ارضنا ، مستوطنوه على الطرقات لا يفرقون بين ابناء الاجهزة الامنية ولا المنتمين لحماس او فتح ولا المستقلين ولا حتى بين الكبير والصغير ويعتدون على المراة والرجل ونحن فيما بيننا همنا ان نظهر بعضنا على انهم على خطا ونحن على صواب والمصيبة اننا جميعا نطلق شعا واعتصموا بحبل الله ولكن على الارض تفرقنا وتشتتنا وذهبت ريحنا.
كفوا عن المهاترات واسالوا انفسكم على ماذا تتصارعون هل هدفكم فعلا تحرير الارض واعلاء كلمة لا اله الا الله ، ان كان كذلك فسيروا بهدي الله الذي دعاكم للوحدة والتكاتف والاعتصام بقول رب العالمين ونهج رسوله الكريم الذي قال اللهم اهد قومي والتمسوا الاعذار لاخوانكم ايا كان الخطأ ولا تتربصوا بانفسكم وتنتهزوا الاخطاء لبعضكم واعلموا ان ربكم واحد واعداؤكم كثر وباستمرار نزاعكم اعداؤكم يلسبون ارضكم وارواحكم واما انتم فكلكم خاسرون.
بقلم: محمود إقنيبي .. أبو رامي