أمان: المواطن يدفع أكثر من 87% من متوسط راتبه الشهري للغذاء
عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة -أمان وبالشراكة مع مؤسسات الائتلاف الزراعي الأهلي الفلسطيني وجمعية حماية المستهلك جلسة مساءلة ساخنة حول سياسات وبرامج الحكومة لدعم قطاع الزراعة وحماية المستهلك والرقابة على الأسعار، في ظل الأزمة التي يتعرض لها السوق الزراعي الفلسطيني، وارتفاع أسعار الخضراوات وانخفاض أسعار منتوجات الثروة الحيوانية بفعل التهريب، ما يلحق أضراراً جسيمة بالمزارعين ويضع أعباءً إضافية على كاهل الأُسر الفلسطينية المنهكة أصلا من غلاء المعيشة. وركزت الجلسةعلى حماية المزارع الفلسطيني وتمكينه من تلبية احتياج السوق المحلي، وحماية المستهلك أيضا من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخططها لتوفير السلع للمواطنين وبأسعار معقولة وعادلة، خلافا للحاصل في الأسابيع الماضية، الا أن وزارتي الزارعة والاقتصاد الفلسطينية قاطعتا الجلسة ورفضت الخضوع للمساءلة.
وترأس الجلسة مجدي أبو زيد، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، مستنكرا خلال مداخلته أسعار الخضروات التي ارتفعت بشكل واضح والتي لا يمكن لبيت فلسطيني الاستغناء عنها لأهميتها في سلة الغذاء اليومية للمستهلك مثل البصل والبندورة، فيما انخفضت أسعار الدواجن خصوصا في المناطق الفلسطينية المسماة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، نتيجة إغراقها بمنتجات المستوطنات وفق ما أشارت اليه مصادر عدة منها وزراة الزراعة ووزارة الاقتصاد الوطني.
وقد أعرب المزارعون- والبالغ عددهم 7.4% حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني- عن استيائهم مما يمرّ به القطاع الزراعي الفلسطيني خاصة في الاغوار الفلسطينية،والذي يتسم بالهشاشة الكبيرةحسب وصفهم، معددين التحديات اليومية التي تواجههم، في مقدمتهاتقاعس وزارتي الزراعة والاقتصاد عن أداء دورهما من سنّ السياسات والتخطيط لحماية المزارع الفلسطيني، واقتصار دورهما على التنافس مع المؤسسات الأهلية العاملة في القطاع الزراعة على الدعم الدولي. كما استنكر المزارعين الموازنة المخصصة لقطاع الزراعة، والتي تشكل أقل من 1%،80% منها رواتب وأجور 1600 موظف فيها، الأمر الذي يعكس رؤية الحكومة للقطاع الزراعي، ومدى أولويتها في دعم قطاع إنتاجي أساسي يواجه السياسة الإستعمارية، بدلا من النهوض به كونه أولوية وطنية هامة وأساسية، من أجل تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، وعدم الاكتفاء بدور إشرافي فقط.
وأجمع المزارعون على عدم وجود سياسيات واضحة المعالم، وعدم وجود لجان ذات صلة بين وزراتي الاقتصاد والزراعة لحل الإشكاليات التي ممكن لها أن تتمخض بينهما، مركزين على دور وزارة الزراعة التي يجب أن تكون منحازة للمزارعين، ما يترتب عليها من حل لمشكلة التأمين الزراعي، والأدوية والاسمدة التي يجبر المزارعون على شرائها بأسعار تفوق مثيلاتها في السوق الإسرائيلي، ناهيك عن ارتفاع سعر المياه، إذ يدفع المزارع 30% من سعر المياه ثمنا للهواء المضغوط في المواسير.
وقد عقب صلاح هنية،ـ رئيس جمعية حماية المستهلك على أهمية الجلسة، مستنكرا ظاهرة التهريب التي تتم من السوق الإسرائيلية وعدم وجود سياسة لضبط السوق وتنظيم القطاع الزراعي، مضيئا على التحديات التي يواجهها المزارع والمستهلك في آن واحد.
وقد استعرض ائتلاف أمان بعض المؤشرات الرئيسية لقطاع الزراعة والحق بالغذاء في فلسطين، مسلّطين الضوء على بعض الأرقام الصادمة التي تجبر على بعض المقارنات، منها تكلفة السلة الغذائية في فلسطين، وهي الأغلى في المنطقة، إذ تصل تكلفة الأطعمة الأساسية لأربعة أفراد الى 87% من متوسط الراتب الشهري، وفق دراسة مقارنة بريطانيةنشرت بالعام 2016، بالمقارنة مع دول مثل تونس والأردن ومصر، وحتى بريطانيا، التي تصل الى 12.3%.
وتعاني ما نسبته 32%من الأسر الفلسطينية من انعدام الامن الغذائي (47% في قطاع غزة، 16% في الضفة الغربية)، علما أن3.3% هي مساهمة الزراعة بالناتج المحلي الإجمالي،بالإضافة الى الفجوة الكبيرة بين حجم الصادرات والواردات الغذائية الأكبر، وتجدر الإشارة الى ربط النسب بمعدلات الفقرفي فلسطين والتي بلغت بين الأفراد وفقا لأنماط الاستهلاك الشهري 29.2% نهاية 2017 ,ونسب معدل البطالة الذي بلغ 28.4%.
وتناط بوزارة الزراعة مسؤولية الرقابة على المنتجات الزراعية الواردة "العمل على المعابر"، بمعنى أن أي منتج زراعي (نباتي أو حيواني) يتم إدخاله يجب أن يكون وفق إذن من الإدارة العامة للتسويق والمعابر، حيث توجد في كل وزارة الاقتصاد الوطني دائرة مختصة(دائرة حماية المستهلك) وفي وزارة الزراعة (دائرة الرقابة على الاسواق) تقوم كل منها بأدوار متكاملة بجانب الاطراف الاخرى مثل جهاز الضابطة، والذي لطالما طالب أمان بزيادة أعداد العاملين فيها من أجل القيام بدورهم الرقابي.وتعتبر أسعار الدجاج واللحوم الحمراء والخضراوات والفواكه الأكثر تقلباً خلال العام من مجموعة السلع الاخرى، والاكثر أثراً على المستهلك الفلسطيني في قائمة السلة لغذائية الفلسطينية، ويتأثر هذا القطاع بالآثار السلبية للأحوال الجوية، والنقص في كميات اللحوم القادمة من الجانب الإسرائيلي، الذي يعتبر المصدر الرئيسي المورد للاراضي الفلسطينية.
ومن العوامل الأخرى التي تساهم في رفع الأسعار حسب أطراف عديدة منها جمعية حماية المستهلك عدم وجود عقوبات رادعة بحق المخالفين والذين يقومون برفع أسعار المواد الغذائية،اوعتماد آليات عدم التدخل في تحديد السعر، وضعف اجهزة الرقابة الرسمية.
في الجانب الاخر، ينعكس انخفاض الاسعار على المنتجين المزارعين بشكل كبير ومدمر أحياناً، ويمر مزارعي الدجاج بإنتكاسات متكررة مثلاً ناجمة عن تدني الاسعار بشكل كبير، اضطرتهم أحياناً لإعدام الدجاج، إذ وصل في بعض المناطق الى 6 شيكل في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف المستمر، في المقابل ارتفعت أسعار بعض الخضراوات مثل البصل الذي وصل الى 12 شيكل في بعض المناطق، تراوح الأسعار القى بظلاله على كل من المستهلك والمنتج الفلسطيني.