بلاد ما وراء الكونتينر . اراها تستحق اكثر

بقلم: محمود إقنيبي

عنوان هذه المقالة هي عبارة اطلقها احد ضيوف برنامجي " وسط البلد " قاصداً فيها جنوب الضفة الغربية وتحديداً بيت لحم والخليل وما يتبعهما من بلدات مدن وقرى ومخيمات وتجمعات قبل ايام  وكان موضع البحث هو التهميش والظلم الذي تعانيه هذه المنطقة " بلاد ما وراء الكونتينر " على كل الصعد والمستويات الرسمية والحكومية خلال نقاش دار في البرنامج حول موضوع الساعة وشغل الناس الشاغل " الضمان الاجتماعي " المقرر بدء العمل فيه بداية الشهر المقبل بشكل الزامي في فلسطين.

لا شك ان " بلاد ما وراء الكونتينر " تحتل حيزاً لا بأس به في الوضع العام للوطن ككل وللضفة الغربية على وجه الخصوص سواء على صعيد المساحة الجغرافية او التعداد السكاني او المكانة الاقتصادية او الأثر الديني او الموروث التاريخي للبلاد ففيها الحرم الابراهيمي الشريف رابع اقدس مكان للمسلمين في العالم وفيها كنيسة مهد المسيح عليه السلام وهي حامية القدس تاريخياً ومنها تخرج عدد لا باس به من قادة الثورة الفلسطينية وفيها الاقتصاد والتجارة الاكثر تاثيراً في الوطن وغير ذلك من الميزات التي تؤهلها لتكون محط اهتمام المسؤولين السياسيين والاقتصاديين بشكل أكبر مما هو عليه الحال اليوم.

" بلاد ما وراء الكونتينر " وحديثي هنا موجه لاصحاب القرار تستحق منكم نظرة اهتمام ونظرة احترام اكبر لاسباب ذكرت بعضها وهناك الكثير غيرها ولكن يشعر اهل هذه البقعة من فلسطين دائماً بشيء من الغبن والتهميش والتطنيش غير المفهوم ولا المبرر وفي مجالات متعددة سواء كانت اجتماعية او سياسية او اقتصادية وبالاخص الادارية ، فليس من المنطق ولا المقبول ان تكون هذه البقعة من فلسطين وبكل مكوناتها التي ذكرتها سابقا مجرد رقم في حسابات المسؤولين لا دور لها ولا تاثير ولا قرار الا في دفع ما عليها من مستحقات لمستحقيها.

" بلاد ما وراء الكونتينر" هي اكثر منطقة في فلسطين تستحق ان ينظر اليها بعين التطوير والتنمية بدلا من النظر اليها كمنطقة خصبة لجباية المستحقات ورفد خزينة السلطة باموال الضرائب والجمارك والرسوم وغيرها ، ومن الغريب اننا ما زلنا نرى ونسمع وهم يرون ويسمعون ويشعرون بمدى امتعاض وتذمر الناس من الوضع الخاص الذي نعيشه في هذه المنطقة ولم يحركوا حتى الان ساكناً ولم يفكر احدهم بان هذا الحال لا يجب ان يبقى وكانه قدر علينا سنعيشه الى ابد الدهور دون تغيير او تطوير.

" بلاد ما وراء الكونتير " ايها السادة المسؤولون في بلدنا هي المنطقة التي تكاد تكون وحيدة في كل فلسطين التي ينتشر فيها افراد الضابطة الجمركية في كل مكان وزمان بحثاً عن مخالفة هنا او نقص في ورقة او اذن او تصريح هناك لمخالفة المواطن وتغريمه مبالغ في بعض الاحيان اكبر من ثمن بضاعته الاصلية.

في " بلد ما وراء الكونتينر " فقط اعداد رجال الأمن والشرطة لا يكاد يذكر ولا يكاد يرى لقلتة بالنظر للمساحة الجغرافية والتعداد السكاني الكبير بينما نرى رام الله مثلا فيها اضعاف اضعاف هذه الاعداد على الرغم من انها لا تضاهي بمساحتها ربع مساحة الخليل مثلا.

" في بلد ما وراء الكونتينر " نرى ان الادارات المهمة والسيادية توكل لاناس من اماكن اخرى في الوطن ولسنا ضدهم على العكس ولكننا نريد ان نرى ابناءنا في مناصب شبيهة ومراكز قيادية في اماكن الوطن الاخرى.

في " بلاد ما وراء الكونتينر " ترانا تابعين اداريا لرام الله التي بتنا نحج اليها كلما احتجنا الى ورقة او توقيع او اذن ما رغم اننا مقتنعين تماما باننا لا يجب ان نكون تابعين اداريا لاي مكان وانه يفترض ان لدينا من المؤسسات والدوائر والمراكز ما يغنينا عن قطع مئات الكيلومترات لاجل الحصول على ختم او توقيع او تصريح.

في بلادنا " ما وراء الكونتينر " والتي تخرج منها العلماء والقادة والعظماء قليلون فقط يتقلدون مناصب ادارية عليا في مؤسسات الحكم والسلطة والقرار ولن اجادلكم في ذلك فالواقع امامكم والشمس لا يمكن ان يغطيها غربال وهاكم اخر مثال فصندوق الضمان الاجتماعي الذي يثير جدل الناس اجمعين تكون مجلس ادارته من 14 عضوا لا يوجد منهم ولا حتى واحد من " بلاد ما وراء الكونتينر " وكذلك المجلس التنفيذي لنفس الصندوق فيه 30 عضوا ليس فيهم من بلدنا اي عضو.

في " بلاد ما وراء الكونتينر " التي افتخر انني منها لا نرى الدعم الحقيقي والتمويل السخي للمشاريع التطويرية والنموية كما نراها في اماكن اخرى من الوطن رغم اننا نرى اننا نستحق ونحتاج وان من حقنا ان نحصل على الاهتمام من الحكومة والسلطة التي واقولها وكلي اسف اعتمدت علينا كمجتمع محلي في كثير من الواجبات التي كان يفترض ان تقوم هي بها لا نحن واسوق اليكم مثالا بسيطا وهو بناء المدارس الذي اصبح مهمة مجتمعية لا تساهم الحكومة فيه الا بالكوادر والتجهيزات وليس كل التجهيزات ومثال اخر هو قيام مجتمعنا المحلي في الخليل بالمساهمة الأكبر في بناء حتى المستشفيات والمراكز الصحية التي هي اصلا مسؤولية الحكومة بالكامل ولو اردت ان اسوق من الاحاديث اخرى لسقت الكثر الكثير.

في بلدي " ما وراء الكونتينر " ارى في عيون الناس حسرة وارى الامل قد خاب واسمعهم يتمتمون فيما بينهم ويصرحون خفية عن شعورهم بالظلم والتهميش ويتناقشون قيما بينهم ويقارنون بين بلدهم " ما وراء الكونتينر " والاماكن الاخرى في الوطن التي تتلقى اكثر مما نتلقى من اهتمام ودعم ومشروعات رغم انها لا تكاد تساوي بمساحتها وتعداد سكانها حارة من حارات الخليل.

ايها السادة المسؤولون إنكم عنا لمسؤولون امام الله والتاريخ ، وفي بلدي كلنا نسأل الم يحن الوقت بعد لكي تعطونا حقنا وتسمعوا صوتنا وتنحازوا لمطالبنا وتولونا الرعاية التي نستحق فصحيح اننا نعيش ما وراء الكونتينر ولكننا جزء اصيل من هذا الوطن الجميل دفعنا في حمايته ورعايته اغلى ثمن فنحن بلد الشهداء وبلد الاسرى وحماة الحرم الابراهيمي وجيران جد الانبياء ونحن حماة القدس وجيرانها ونحن اللذين كلما نادانا الوطن وجدنا اول الجنود واول المضحين الاوفياء.