تيسير خالد في المهرجان الثقافي ( تقاليد ) في سانتياغو
أقامت الفيدرالية الفلسطينية في تشيلي والنادي الفلسطيني في سانتياغو العاصمة قي إطار مهرجان ثقافي فلسطيني يحيي لأول مرة في القارة اللاتينية سلسلة من الفعاليات أحيت من خلالها التقاليد الفلسطينية الأصيلة ، بمشاركة طيف واسع من ممثلي المؤسسات والفيدراليات الفلسطينية في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، وبحضور فلسطيني رسمي ممثلا بالسيد تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية ورئيس دائرة شؤون المغتربين، والعديد من سفراء القارة اللاتينية في سانتياغو، والمئات من أبناء الجالية الفلسطينية في تشيلي . وألقى تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية ورئيس دائرة شؤون المغتربين، كلمة منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك المهرجان قال فيها:
السيدة ناديه غريب – رئيس الفيدرالية الفلسطينية في تشيلي
السيد موريس خميس – رئيس النادي الفلسطيني قي نشيلي
السيدات والسادة
يسعدني أن اكون معكم في هذا المهرجان ، الذي يعبر عن عمق الانتماء والرغبة الأصيلة في بناء جسر متين من التواصل مع الوطن الأم ، وأن انقل لكم في الوقت نفسه تحيات إخوانكم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في جميع مناطق تواجده في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والتضحية والفداء وفي بلدان الهجرة والشتات وتحيات رئيسها الأخ الرئيس محمود عباس وتمنياتهم لكم بالتوفيق في هذه المناسبة الجميلة ، التي تحيون من خلالها مهرجانا يبعث في الذاكرة الفلسطينية حنينا يوصل الاسر الفلسطينية في أميركا اللاتينية بجذورها ويحدد روابطها بهويتها التاريخية دونما انتقاص من حقوق المواطنة في بلدان إقامتها في عالمها الجديد .
أدرك جيدا أن البرنامج المتنوع في مهرجان تقاليد غني بالأفكار التي ترسم خيطا ممتدا في الذاكرة بين التراث وما ينطوي عليه من اصاله وبين وقائع الحياة كما نعيشها ، بدءا بالمعرض الدائم للأغذية والمأكولات الشعبية مرورا بالموسيقى الفلسطينية والعربية وانتهاء بالأزياء الشعبية النموذجية ، وأعرب عن الثقة بأن تقاليد سوف تتطور بأفكارها وتغطي مساحات تتسع لثقافة وأدب المهجر ولميادين من التميز في مجالات حياة وإبداع مختلفة ومتعددة . من منا لا يشعر بالارتياح والفخر بنماذج قدمت صورة مشرقة عن فلسطين في ميادين الادب والشعر تكمل تلك الصورة التي رسمها مهاجرون عرب الى العالم الجديد بدءا بجبران خليل جبران وميخائيل نعيمه وإيليا أبو ماضي وانتهاء باندراوس سابيلا ومحفوظ مصيص وأولغا لولاس ووتيودور السقا وفريد غزال وغيرهم كثير ، ومن منا لا يشعر بالارتياح والفخر عندما نستذكر في ميادين الرياضة سقراط وكارلوس أبو مهر وداود غزال وميغيل لاتين وألفارو سايح ونيكولاس ماسو وثريا حذوه ، أو الذين حققوا سبقا في الحضور الاقتصادي والسياسي لمواطنين من عائلات عريقة في هذه البلاد جذورها ممتدة في فلسطين كعائلات نزال وقسيس ، وسعيد ، وحنظل ، وأبو مهر ، والياس ، وبندك وغيرهم كثير .
وإذا كنا بحاجة لشيء في العلاقة مع جالياتنا الفلسطينية الكريمة في تشيلي وفي عموم القارة اللاتينية والكاريبي ، فإننا في أمس الحاجة الى التفاعل المشترك وتبادل وجهات النظر على النحو الذي يسمح بتعزيز هوية الانتماء الى الجذور وتطويرها لتأخذ دورها في الدعم المتواصل لنضال شعبنا من أجل تقرير المصير بأركانه الثلاثة ، الحقوق القومية الجماعية وحقوق المواطنة والمساواة لفلسطينيي الداخل ( 1948 ) والحق في التحرر من الاحتلال وإنجاز الاستقلال في دولة وطنية مستقلة على جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 وفي القلب منها مدينة القدس ، العاصمة الابدية لشعب ودولة فلسطين ، والحق في العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين ، الذين هجروا من ديارهم بالقوة العسكرية الغاشمة .
نحن بأمس الحاجة الى تطوير دور جالياتنا الكريمة على هذه القاعدة ، وفي الوقت نفسه علي أن اعترف أننا بأمس الحاجة الى التعريف بمختلف ميادين النجاح والإبداع والتميز ، الذي تحققه جالياتنا في بلدان مواطنتها وإقامتها على الصعد الثقافية والأدبية والرياضية والسياسية والاقتصادية وتوثيق ذلك وطنيا وتسهيل الوصول اليها للمواطنين الفلسطينيين في فلسطين بشكل خاص . ليس من الصواب أن يبقى شعراء المهجر الفلسطينيون في الظل في الثقافة الوطنية الفلسطينية ، وما ينطبق على شعراء المهجر ينطبق كذلك على مختلف الميادين ، التي أبدع فيها الفلسطينيون في المهجر ورسموا من خلالها صورة مشرقة عن مساهمتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية في بلدان مواطنتهم وإقامتهم .
أدرك أنكم تنتظرون مني الحديث في الأوضاع السياسية العامة وما تمر به القضية الفلسطينية وظروف النضال الوطني الفلسطيني . لن أطيل عليكم في هذا الجانب وسوف احصر حديثي هنا باختصار في اربعة مواضيع تثير اهتمامكم واهتمام الرأي العام الفلسطيني بشكل عام :
** قبل أيام تم التوقيع على اتفاقية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس من أجل طي صفحة الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني . وقد رحبت جميع القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية ورحبت جالياتنا في قارات العالم الخمس بالاتفاق . نحن شعب صغير ولا يملك من عناصر القوة في مواجهة الاحتلال ما هو أثمن من وحدته الداخلية ، وفي ظني أننا في الطريق الصحيح نحو طي صفحة الانقسام . ذلك لا يعني عدم وجود صعوبات ، فعلى العكس من ذلك ، فقد خلف الانقسام على امتداد 10 سنوات صعوبات وعقبات تحتاج الى بعض الوقت للمعالجة ، غير أن أخطر الصعوبات هي تلك التي تعبر عن نفسها بالتدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية ومحاولات فرض القيود على المصالحة الوطنية وخاصة من الادارة الاميركية وحكومة اسرائيل . إن أحد عوامل النجاح والتغلب على الصعوبات والعقبات يكمن في اتحادنا وتمتين جبهتنا الداهلية وصد محاولات التدخل في شؤوننا الداخلية ، وهذه مسؤولية وطنية عظيمة مطروحة على جدول اعمال القوى السياسية والمجتمعية الفلسكينية ، فللجميع دور في ذلك بما فيها جالياتنا الفلسطينية الكريمة ، فالقرار الفلسطيني الوطني الفلسطيني هنا على المحك فعلا .
** وعلى صعيد العملية السياسية ، فإن الاوضاع تنذر بتطورات خطيرة . فحكومة اسرائيل تتصرف باعتبارها دولة استثنائية فوق القانون ، لا تقيم وزنا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتواصل سياسة بناء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 ، بما فيها القدس الشرقية ، حتى فاق الاستيطان هذا العام اربعة اضعاف الاستيطان في العام الماضي . وتمضي حكومة اسرائيل في هذه السياسة بتشجيع من الادارة الاميركية ، التي ترفض مواصلة اي ضغط على حكومة اسرائيل لكبح جماح نشاطاتها الاستيطانية ، التي تقوض ما يسمى بحل الدولتين . والى جانب ذلك تواصل اسرائيل سياسة التهويد وهدم بيوت الفلسطينيين وسياسة التطهير العرقي الصامت في القدس وفي مناطق الاغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغيرها من مناطق الضفة الغربية المتحلة ، ولا يلوح في الأفق غير تسوية سياسية تسعى الادارة الاميركية لتسويقه في المنطقة تقوم على حلول اقليمية بتطبيع العلاقات بين اسرائيل وعدد من الدول العربية وفي سياق ذلك يجري توسيع صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية على اساس حكم ذاتي موسع في الضفة الغربية يتم من خلاله توسيع صلاحيات ومسؤوليات السلطة الفلسطينية في المناطق المصنفة ( ا * ب ) وبعض الجيوب في مناطق ( ج ) كحل انتقالي بعيد المدى على حساب ما يسمى بحل الدولتين ، الذي لم يعد يحظي بالحد الادنى من الاهتمام عند الادارة الاميركية ، كما تشير الى ذلك سلسلة اللقاءات مع الوفد الاميركي لما يسمى عملية السلام والتي وصلت حتى الان 22 اجتماعا .
** وفي مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالقضية الوطنية والنضال الوطني الفلسطيني والحقوق الوطنية العادلة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ليس أمامنا غير ترتيب اوضاع بيتنا الفلسطيني من الداخل ، وهنا يجري الرهان على الاجتماع المنتظر لجميع القوى السياسية والمجتمعية ، التي وقعت على اتفاق المصالحة في أيار عام 2011 ، من أجل الاتفاق على آليات تطبيق ذلك الاتفاق وبما يمكننا من الانتقال نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية للسلطة ، متزامنة مع انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني من أجل تهيئة الأجواء للوقوف صفا واحدا في مواجهة السياسية العدوانية الاستيطانية التوسعية لحكومة اسرائيل والاتفاق على التعامل مع اسرائيل باعتبارها دولة احتلال كولونيالي ودولة ابارتهايد وتمييز عنصري وما يترتب على ذلك من خطوات فك ارتباط مع سلطات الاحتلال في مختلف الميادين السياسيو والاقتصادية والامنية والادارية وتهيئة الاوضاع للدخول في عصيان وطني شامل ، لا يتوقف إلا بتدخل دولي مناسب يضع حدا لهذا الاحتلال برحيل جيش الاحتلال وتفكيك بنية الاستيطان ورحيل المستوطنين ، وفقا لما تم التوافق عليه في أكثر من مناسبة وطنية في المجلس المركزي الفلسطيني وفي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، مستفيدين في ذلك من التجربة العظيمة التي قدمه المواطنون الفلسطينيون في القدس مطلع هذا العام في دفاعهم عن مديتهم ومقدساتهم في المسجد والحرم القدسي الشريف
** أخيرا ، اسمحو لي أن اختم كلمتي هذه بالحديث عن قضية تؤرقنا جميعا وهي أملاك الكنيسة العربية الارثوذكسية . فقد عقد مطلع هذا الشهر مؤتمر وطني في بيت لحم كان على جدول أعماله مهمة وطنية عظيمة وهي الدفاع عن الاوقاف المسيحية في الكنيسية العربية الارثوذكية بعد أن انتشرت في السنوات الأخيرة صفقات بيع وتسريب ممتلكات الاوقاف لهذه الكنيسية الى منظمات استيطانية يهودية ، وهي الاوقاف الاوسع في عموم فلسطين . إن حقنا الوطني في عقارات وممتلكات الكنيسة العربية الارثوذكسية ، حق يجب ألا ينازعنا فيه أحد ، وهو حق سوف ندافع عنه بكل ما نملك من طاقات بالتنسيق والتعاون مع الاشقاء في المملكة الاردنية الهاشمية ، ويهمني في هذه المناسبة أن أدعوكم وأدعو جالياتنا الفلسطينية الكريمة الى رفع الصوت عاليا لنحمي مقدساتنا وأوقافنا الاسلامية والمسيحية في بلادنا فلسطين على حد سواء